رمضان أهلا ...
أمّتي نامت .. وتصحو أنت من وسط اللهيب
رمضان أهلا...
ما شكا جرحي...
ولكني أغار على النحيب من النحيب
رمضان أهلا ...
ما غفا جفني...
ولكني رأيت الليل أطول من صمود الرمش في وسط اللهيب
رمضان أهلا..
طفلتي اعتصمت بصدري...
واتكا طفلي على قلبي...
وجافاني الوجيب...
وصحوتَ أنت...
وعشت فيَّ ... ولن تغيب
رمضان أهلا
أمتي نامي... فما نامت حجارة قدسنا..
تستصرخ الدهر الأصمَّ... ولا مجيب!
نامت شآمي... واستكانت مصر...
فانتصب اللئام.
هاج الخِضَمُّ على الخِضَمِّ
اليومَ يُختبَرُ العظام
هاج الزحام على النِّيام
وأنا ركبت الموجَ للموت الزُّؤام
الليل والبيداء ما عادت لتعرفني
وأنكرني الصُّحاةُ مع النيام
رمضان أهلا...
أمتي لاذت بكهف ظنونها!!
وكأنما ضربت على آذانها..
فلا صراخ القدس هزَّ شعورها !
ولا دما بيروت هزَّت وجدها ..
ولا نيوب الصرب هزّت جلدها
ولا شرور الغرب قّضَّت نومها ..!!
رمضان أهلا...
أمتي قد أسلمت لليل كل شؤونها
فغدا ظلام الليل ستر قلوبها...
وعدا ستار الليل سرج خيولها..
وغدا سواد الليل نور عيونها
وغدا سكون الليل عصف شجونها
وغدت رياح الليل عزف لحونها
ومن الدُّجى قبسوا سواد ظنونهم
نسجوا عباءة مجدهم
غطّوا بها شمس الضحى
وقد استحبوا وارفات ظلالها
لن يسألوا بغداد عن أحزانها
لن يسألوا عن جرحها ... عن دمعها..
لن يأبهوا إن جرِّدت من طهرها... من مجدها...
لن يسألوا من جاء يكشف سترها ...
من جاء يغصبها عروس المجد راية مجدها ...!!
رمضان أهلا ...
لا تناديهم ..
فهم لن يخرجوا في الشمس...
تحرقهم طهارة نورها...
لا تدعهم رمضان...
بغداد لا تخفي حقيقة أمرها...
قاموا يقيسون المسافة بين ما تبدي ..
وما هم يكتمون
ويجسدون على جلود طفولة هجعت ...
عظيم الفرق بين براءة الفجر؛ وليل الظالمين
قاموا يقيسون المسافة بين من وقفوا بنور الشمس
لا يلوون عن طلب الحقيقة ..
وارتشاف ندى البطولة
رغم ما في الكون من قفر... ومن عجف السنين
وبين من لاذوا بظل عباءة ...
لا تستر العيب ... ولا تخفي الظنون !
رمضان دعهم ...
يطلبون المجد أمنية... وأغنية!!
وليلا كم تمنوا أن يطول فيسلمون ..
رمضان دعهم
لم تخف بغداد يوما من مهاجمها ...
ولا هانت عزائمها ..
ولا دانت لظالمها
بعزم رجالها صانت مواقفها
بحد سيوفها صانت معالمها ...
فأضحت شوكة في حلق حاسدها ..
رمضان دعهم ...
وسل تاريخها عنها ...
فلا التتار ... ولا الصلبان ... نالوا من مكانتها
رمضان دعهم ...
حجار القدس لن تنسى صلاح الدين
ولا بيسان قد تنسى صدى حطين ..
ولا شامي سيبقى العهر يحكمها
ولا مصري سيبقى الذل يلجمها ..
ولا قومي سيبقون بغفلتهم ...
رمضان صبرا
دع الدنيا تعلمهم...
بأنا لا نزال بها دعاة الخير والتقوى
رمضان صبرا ...
أنا لا أطحن الأحزان ..
أنا لا أزرع الشكوى
أنا لا أنكر الواقع
أنا لا أنفخ النيران
رمضان صبرا ...
تطلع الشمس غدا
وسيبصر العالم جرحي
ويشهد العالم حقي ..
رمضان صبرا ...
زُلزلت أرض المُساوم..
وانزوى ليل المقامر ..
وارتوت أرض المجامر أدمعي ...
فتقدموا يا إخوتي فوق اللهيب
وصفقوا للنائمين
هنا يصير المشرق المطفيّ أغنية يرددها الزمان ...
رمضان صبرا...
أشرقت شمس ولكن من بعيد
من مغرب قد أشرقت ...
طَهَّرت نزف الأشاوس في محاريب الصمود...
فشع طهر الأقحوان ....
رمضان مهلا ...
لم تسافر أمتي خلف الأبابيل .... ونامت
حط طير الطهر في فوق ذرى "الشيشان"..
في غزتي يشدو وفي بغداننا وفي أفغان...
رمضان مهلا ...
ضمَّني نسمة عطشى لصوم ...
لا يدانيه سوى شرف الرجولة ...
وذُرَّني عبقا بميلاد الأصالة ...
شُدّني نحو التحام الصدق في دفق الصّمود...
رمضان ما صمنا !!
ولكنّا تعلمنا نشيد الصائمين ..
على ذرى الإيمان في وجداننا ...
نزفا ... وعيد...
رمضان مهلا ...
قل لهم ...
إخواننا ...
بصمودكم ... عدنا وعاد المجد يرسم خطونا ...
بذلا... وعيد...