أيّتها السّيّدة الجميلة
بقلم: حسين أحمد سليم
لشُدّة ما آلمني, وزاد في نزف جِراحاتي, التي لم ولن ولا تندمِلُ بعد اليومِ, وأيقظ القلق في وِجداني من غفوته, خوفا عليكِ... أن تُرغمك الأيّامُ, غدرا وقهرا, وكيدا وعهرا وتداهيا, على ما أنتِ عليهِ, مُحرجةً في مواقفكِ, مُكرهةً على كتمانِ الحقيقةِ, قلِقةً على مصيركِ, إن كُشِفَ أمرُ سِرَّكِ...
عجبا؟!... لماذا أقحمتِ ذاتكِ في متاهاتِ الضّياعِ, إنكارا لِكشفِ النّقابِ عن الدّرّ المكنونِ, فأحاطت بكِ الحيرةُ, غفلةً منكِ غير مُتوقّعةٍ, وكبوتِ عن جوادكِ الأصيلِ, بما أوْصلتِ نفسكِ إليهْ, تُجابهين كُلّ العتاباتِ, وأنتِ نظيفةُ الفكرِ والقولِ والعملِ, وتجلدكِ كُلّ الإتّهاماتِ, وأنتِ طاهرة العشق والحبّ, عذراء مُقدّسةً... تُعانين كُلّ العذاباتِ النّفسيّة, يجتاحكِ الوسواسُ القهريُّ, وتسكنكِ الآلام في سجنكِ القسريّ...
أنتِ ما جنحتِ للخطيئةِ بما إليهِ ذهبتِ, ولا ارتكبتِ الشّرّ بما إخترتِ, وما أسخطتِ الله عليكِ بما فعلتِ... بل كان الله في وجدانكِ, وفي روحكِ, وفي قلبكِ, وفي نفسكِ, وفي عقلكِ, وفي وعيكِ, وفي عرفانك, منذ البدء... وكان قانون الله, ونظام الله, وسنّةُ الله, وكتاب الله, وشرع الله, خشبة خلاصكِ, منذ اللقاء الأوّلِ...
ما وعدتِ إلاّ صِدقا, وما عهدتِ إلاّ وعدا, وما أقسمتِ إلاّ إيماناً, وما رتّلتِ الميثاقَ إلاّ وعيا, وما جوّدتِ العِقدَ إلاّ عرفانا, وما استقرأتِ فاتحة الكتابِ إلاّ في رِضى الله, وتقوى الله, وقربة لوجه الله...
أخفيتِ جواهر الحقيقة, طيّ الكُتمانِ, خوفا من الفعلِ الشّيطانيّ, وردِّ الفعلِ الإبليسيّ, من همجيّىِ زُمرِ العشيرةِ, الذين يتنافخون بما ليس فيهم, ويستصرخون عهرا وكيدا وتداهيا, يا لثاراتِ الشّرفِ؟! ولا يُدركونَ سِرَ الحقيقة, ولا معنى الشّرفِ؟!... يُجيزونَ لأتفُسهمْ, ما تُسوِّلُ لهم أنفسهمْ, التي يُوسوسُ لها الشّيطان, ويمنعونَ عنكِ ما هو من حقّكِ, مودّةً ورحمةً وعدالةً لكِ من الخالقِ الدّيّانْ؟!...
أنتِ المؤمنةُ الملتزمةُ, والعاقلةُ الحكيمةُ, الواعيةُ الأريبةُ, العارفة الفقيهة, النّظيفةُ المُطهّرةُ... ليتكِ كُنتِ جريئة البوحِ, وصفعتيهم بالحقيقة المجلوّة كالعروس, رُغم مرارتها, ولا أقحمتِ نفسكِ كُرها, بما لِنفسكِ شِئتِ كُرها, ونزلتِ عند المِزاجيّاتِ والطّبائع, كُرها على كرهٍ, وغدوتِ ترزحين عِنوةً, تحت رقابةِ أعينِ عَسَسِ الليل وأبالسة النّهار, مِمّنْ ينتحلون زورا, صفاتَ الوعي والمعرفة, ويتسربلون بهتانا بالإيمان, ويُصنّفون أنفسهم غرورا مِن خيرة القومِ والأعيانْ, ويُنافقون كذبا ودجلا بما أغواهم الشّيطانْ...
ليت الله يهديهم, الرّحمن خالق الأكوان, فيخجلون من أنفسهمْ الأمّارة بكلّ السّوءاتِ, ويرعوون عن همروجاتِ الكفر والظّلمِ والإستكبار, ويتراجعون هن الإتهاماتِ والعِتابتِ, ويكتشفون جواهر الحقيقة, المكنونة في روحكِ الشّفيفةِ الطّاهرةِ النّقيّةِ, الوامضة بالصّفاء والبراءة والطّهارة, كما الخيط الفضّيّ النّورانيّ, الممتدِ بين الأرضِ والسّماءْ...
فلا تقلقي حبيبتي, الوارفة بكُلّ النّبلِ , والقداسة والطّهارة, ستنجلي الحقيقة يوما, وتُشرقُ شمس مدينة الشّمس, وينبلجُ الصّبح, غداة يتلألأ كوكب الصبح المنير, نجمة الصّبح القدريّة, تُبشّرُ بإستمرار الحياة, تتماهى نورا على نورٍ, تمتطي صهوة الهلال وطائر الحياة, هياما في فضاءات مدينة الشّمس...