قراءة نقدية لنص ( صهيل الدرب ) للشاعرة عواطف عبد اللطيف
قراءة نقدية لنص ( صهيل الدرب )
للشاعرة عواطف عبد اللطيف
صهيل الدرب
بقلم : عباس باني المالكي
نص حواري يعتمد على مساحة الوجدان ويمتلك بعدين : بعد أفقي يتحرك ضمن إرهاصات الروح والخفايا التي تراسلت مع المدلول الخارجي وسبب أزمة الذات في الغربة وحيث يتحرك ضمن المكان والبعد الزمني بطريقة تجاذب الذات مع خسارات احدثتها تلك الحركة، أي أن النص أعتمد التحرك داخل الذات لكشف فقدان المكان والزمن الذي مر بمشهديه ذلك المكان .. فالنص بقدر ما يعبر عن الفقدان والخسارات التي سببت الإحباط الذاتي وبالتالي أدت الى الحزن بقدر ما يعيد خلق المشهد اعتمادا على الرؤيا المنبثقة من داخل الوجدان
ونشعر ببقاء الحوار الذاتي داخل الوجدان الى نهاية النص وبعدها يخرج الى خارج الذات كالتعبير، أن كل الخسارات التي حدثت لهذه الذات هي سببها التبعية لذلك المكان لكي تحافظ الذات أيمانها وبدلاً من حدوث التصدع والابتعاد عن منبع الذات الجوهرية, حيث يبدأ النص (متاهات زمن أدركته الغربة ) وهنا يبدأ وعي الذات بأن كل ما حصل في المتاهات هي الغربة أي تصبح الغربة هي البؤرة النصية والتي تحدد كل ما يتحرك ضمن الرؤيا لفكرة النص والتي تعتمد عليها مساحة التأويل التصوري الذهني لأبعاد الحوار مع الذات من خلال الداخل الى الخارج دون ترك الخارج هو الذي يحرك هذا الحوار، بل هي الذات بكل أبعادها الفكرية ضمن أخفاقات الزمن الذي مر مع ابقاء الغربة هي المركز البؤري حيث ندرك ما بين (المتاهات , والصهيل )
يتدارك المعنى والمسبب لأزمة الذات وتأتي ( الغربة , وبوابتي ) هنا يحدث الانغلاق الكلي على محور الغربة هي السبب في تجلي الذات في حوارها الوجداني مع هذه الرحلة الى حتى الأمل يغلق(تغلق نوافذ الأمل,,) أي ليس هناك متنفس لوجود حل يرضي الذات وسط كل هذه الأزمة التي تسببها الغربة وهذا ما يتأكد أكثر من هذا
(ألتقط الوجع من رفوف الغياب /من آخر عنقود في أغصان الغروب .. يأتي /يتطاير من خصلات شعري
تلسعني رؤوس الصمت,, /تحرق تفاصيلي بلهفة,, /تشعلني حد الهذيان .. وأنا أتلفّتُ!!!! )
وهذا ما يؤكد بأتساع الأزمة داخل الذات ومن أجل الابتعاد عن مركز هذه الأزمة يظهر الحوار الى الخارج لكي يبتعد الوجع قليلا حيث نلاحظ هنا الدلالة المعكوسة من الداخل الى المظهر الخارجي لهذه الذات لكن نجد أن الأزمة تتفاقم لأن كل شيء حولها يعيدها الى الداخل لثقل الوجع الوجداني وهذا ما يجعلها تعدم انفتاحها على الخارج لإخراج الأزمة من الداخل أو تقليل ثقل هذه الأزمة على الوجدان أي أصبحت الغربة في حضورها هي الوجع الخفي داخل الذات
(تلتهم الفراغ من داخلي /والضوء يتثائب معلناً خطوات الرحيل)
وهنا تؤشر الغربة أقسى حالات الوجع بكل أبعادها الوجدانية وسط حتى رحيل الذات
(شراييني تلوّن حواف الطريق بحمرتها الموجعة /صوتي يتعثر عبر مسالكه /صراع داخلي يفجر خلجاتي المنسية ,, /قشعريرة تختلج بدني /طَرقات تتعاقب على رأسي ,, /متى يأتي به الزمن!!!! /أتلمس ناصية الخيبة /لأعبر بيداء الصخر /وألملم ما تبقى من أصابعي /أمسح تجاعيد الانكسار /وشظايا عمري أفواه تلتهم أرصفته بنشوة )
بعدها تؤشر الأزمة بإبعادها النفسية و المركبة من عالم الغربة والبقايا المنسية داخلا الذات التي أدت أن تأخذ العربة كل أشكال الروح , يأتي السؤال وهذا ما يجعل الذات تنتبه الى حضورها الإنساني لتمسح تجاعيد الانكسار لتعبر هذا الوجع الملتصق بالغربة , حيث يحدث العبور واختراق الوجع
(وشظايا عمري أفواه تلتهم أرصفته بنشوة)
فبعد كل هذا التشظي في دروب الغربة ووجعها تأتي أرصفة النشوة لتعيد التوازن الداخلي وتعيد تطلعها الى الحياة من جديد أي بروز الأمل برغم كل هذا الوجع وتشظيه داخل الذات
نص أستطاع أن يكون الفكرة بلغة قاربت الرؤيا بالكثير من المعنى , وفق ذائقة أدرامية عنيفة بمشهدية الذات وهنا التصاعد في الدلالة جعل النص مؤثر كثيرا في بث المعنى والفكرة المكونة له , وقد تحققت سردية الذات بالمعنى وفق تناظر الذات الباحثه عن الأمل وسط كل هذا الوجع .. نص عميق جدا ... تقديري