رن الهاتف : انها ...حددت مكان الموعد ، لكنني لحالتي الخاصة التي كنت أعانيها وكانت تعلمها ذهب تفكيري الى
مكان غير الذي قصدت وكأني لست ابن المدينة ، واهتديت أخيرا الى المكان . كانت شمس تموز لا ترأف بأحد رغم أنها
الخامسة مساء .صافحتني تحية لوم لتأخري ، كانت جد متعبة وأكثر توترا . لم تشأ الحديث أكثر . بل حتى المهاتفة قالت
لا تحاول اليوم ...لست مستعدة . ناولتني ورقة ومضت .
لم أشأ أن أقرأ ولكنني فعلت بعد عودتي الى البيت :
صدق أولا تصدق
هي حقا الدنيا عزيزي ..تلك الجماد التي لا معنى لها سوى أنها شيء ينطوي يوما تلو الآخر..كل هذا بحكم القدر ...رواياتنا..أناتنا..تعلقاتنا .
هو وحده من يغرس أنيابه فيجرحنا في الأعماق دون أن نحس بذلك ... يسيل دمنا ألما ..ودهرا ... يكتب و ما بيده حيلة سوى كل ما جاء في الكتاب .
أعلم أنك لم تكن قدري ، لم يكتب لي معك سوى بعضا من الذكريات ، لكن شيء ما داخل وجداني يهمس بحنيني اليك كل دقيقة ..فخيال صورتك يستدرجني و يأخذني الى أعماق الأفق ..أجد نفسي تائهة أفكر دائما في ما تقوله لي .. بما تبوح لي من كلام حلو تارة ..كلام ناصح تارة أخرى ...واصفا ما تعانيه مرات .
نعم عزيزي أدرك حقامعاناتك ، لكن اعذرني ...فلست أنا من صممت هذا المخطط اللعين ..
لم أكن أحمل أقلام الأقدار..مشيت و لم أدر أين أضع قدمي ، فكل ما حولي لم يكن سوى ظلام ..اعذرني بقولي لك : وحدك من أنرت لي طريق الصواب بعدما عانيته من سراب.
أمددتني بيدك المفعمة بشرارات الحب ..كل معاني الشوق و الحنان و الحياة معا .
أحسست بقلبي ينتفض من جديد ، أدرك أنني تسببت لك في عدة آلام ..لكن كل هذا لأني لا أجيد التعبير باتقان..كل ما أستطيع قوله الآن و البوح به هو أنني حقا أحبك بكل ما تحمله معاني الصدق تلك الحبال الوثيقة ..انها الصلة التي لم يسبق لها مثيل في العالم بأكمله ...أنت كل شيء بالنسبة لي ..صدق هذا أو لا تصدق ..وكل ما كتبته الآن ..أقسم أنه نابع من الكيان ..اعذرني فقد قلت لك من قبل اني لا أجيد التعبير باتقان .لكن أريدك أن أعلمك أنك عزيزي و حبيبي و صديقي ..و ستبقى كل شيء بالنسبة لي ...كنت أخا وصديقا و أما ... أمي لم أستطع أن أروي لها معاناتي ..لكن أنت كنت تعرف مني كل شيء و أروي لك كل ما يكون ..و تسمع قصصي و شؤوني بألم ، و توجهني و تخفف عني .
أعييتك بكل تهوراتي أو متاهاتي أو سمها ما شئت . لكن صدقني أني أجد صدري ينفتح لك فجأ ة و يبوح بكل أخباري .
كنت دائما معي في سرائي و ضرائي ...تسمع كل ما أعانيه من داخل قلبك...بل ومن داخل روحك ..روحك الطاهرة
الصادقة ..تلك الجلية ..لو لم يكن شيئا محرما ..لقدستها كتقديس الآلهة ..اعتبرتها شيئا راسخا في تاريخ البشرية ..
في بعض الأحيان تجدني أصرخ بأعلى صوت لكن ما كل هذا الا هفوات تستهويني .. بمجرد اشتياقي الى حديثك الرائع .. أريدك أن تعيش .. أن تعود كسابق عهدك التليد ..كما عرفتك .. كما ألفتك نشيطا حيويا لا يؤثر فيك شيء.
عندما أسمعك تتألم ..أتألم كثيرا..ربما لا تدرك ذلك لكن بيني و بين نفسي أتعذب كثيرا..لأنك في يوم من الأيام كنت تتألم
لآلامي ..أحس أن قلبي سيطير من غلافه... بمجرد سماع خبر محزن عنك ..لا أستطيع أن أتخيل حياتي بدونك ..فأنت تعني لي الكثير ..الكثير . أريدك أن تحيا ..فأنت تعلم أنه لا حياة لي من بعدك ..فبعدك سأفقد عقلي ..وأفقد كل شيء.
صدق هذا فكل ما قلته خطه قلم من قلبي مباشرة الى قلبك .. ليرسخ هناك ..فما هي سوى خواطر استهوتني فكتبتها لك...لتدرك معناها و لتحس بأن قيمتك جد باهظة في أسواق قلبي وأحاسيسي ..
أريد أن أراك كما كنت أراك سابقا..عزيزي لا تتركني وحيدة و تمسك بالحياة . فحياتك تعني حياتي ، ووفاتك تعني معاناتي..ليس لي سوى أنت في هذه الحياة اللئيمة .
أستودعك القول مرددة : أحبك حقا فكن كما عرفتك . واقرأ مابين سطور أسيرة في عالم الظلام .
وضعت الورقة جانبا . و رحت أطمئن عليها خاصة وأنها كانت متوترة جدا عند اللقاء . و لكن آخر ما قالته في الهاتف :
تلك حقيقة ما ينبض به قلبي ..أنا أفضل الآن ..أريدك أن تسلم مما تعانيه من مرض و توترات هذه الصائفة ، صدقني
أصبحت أفكر في حالتك المفاجئة لي ..سأظل أستفسر حتى يستقر وضعك .
-10-جويلية- 2012-
التوقيع
تـذكّـــــري مَـن لم تُحِـــــبِّيـه = والقلبُ أنتِ دائِــمًا فــيـهِ
ديْن عليكِ سوف يبقَى عالقًا = وليس مِن شيءٍ سيُلغيهِ
العربي حاج صحراوي .