جلسا سوية في ديوان عربي يدعى في بلدهما بالمضيف، مصنوع من القصب والبردي، وفي منتصفه موقد نار مربع الشكل فيه تشتعل النار وحطب هو من جذوع النخيل وسعفه اليابس، مرتبة فيه دِلال القهوة حسب وظيفة كل واحدة ، فالكبيرة جدا فيها دوما الماء الساخن ، وقربها أُخريات مملوءة بالقهوة وعلى درجات تسخين متفاوتة حسب بعدها عن اللهيب الأقوى المنبعث من الموقد المحاطة حدوده بطابوق متسخ من الكاربون ورماد الحطب المحروق .
وعلى قرب من الموقد تكون الفناجيل أو الفناجين مصفوفة بطريقة فيها حسابات متعارف عليها وحسب نظام الجلسة في هذا المضيف .
جلسا يتحدثان بموضوع هو كما يلي :
الأول : هذه القهوة المضبوطة ياأخي ..صحيح أن القهوة العربية لها مذاق خاص .
الثاني : قصدك العربية في كونها مرة ..فهي ليست عربية الصنع وحتى الدِلال ليست عربية .. فالقهوة مستوردة من البرازيل وعدا ذلك لاتكون طيبة كل أواني تقديمها مستورد ..
الأول : كلامك صحيح أخي ولكن تبقى عربية ..
الثاني : لست أدري سبب كونها عربية ياأخي حتى العقال الذي نرتديه مستورد والغترة ( اليشماغ ) مستورد والدشاديش التي نلبسها مستوردة هي كذلك ..
الأول : لله درك أخي العزيز دوما تدقق في الأمور وتحقق فيها ..ولايستطيع أحدنا أن يجاريك في هذا ..
الثاني : لكنها الحقيقة ياأخي ..
الاول : ولكني اليوم أود أن أغلبك ..
الثاني : وكيف ؟
الأول : الحطب هذا الذي في الموقد أليس عربيا فهو من النخيل التي زرعناها .. القصب هذا الذي نصنع منه المضيف أليس عربيا فهو من الأهوار القريبة من ديارنا ...
الثاني : بالله عليك وهل بقي نخيل وهذا الماء المالح ... وهل بقي لنا هور بعد تجفيفها والقضاء عليها ..
الأول وبدهشة فيها حسرة وصوت شجي ) : قصدك إننا قتلنا عروبتنا بأيدينا