منذ مدة وأنا أتأمل هذا البوح اللوني الذي يخاله المتلقي أنه عمل تصميمي
وفي كل مرة أحاول التعليق عليه .. أجدني بحاجة إلى قراءة حيثيات أخرى لأنها - حسب اعتقادي - متوالية محسوبة فنياً ، ولا مكان فيها للاعتباط
فاسمح لي أيها الفنان أن أقرأها وفق مرجعياتك الفلسفية التي اطلعتُ على بعضها من خلال منشوراتك ودراساتك ونصوصك الأدبية.
فالخلفية ( الباك راوند ) متكونة من لونين .. الأبيض والأحمر
واللون الأبيض هو مايدل على السلام والاستسلام والنقاء والوداع الأخير
أما الأحمر فهو لون ساخن وله دلالاته المعروفة للتعبير عن الدم والعنف والقهر وهنا قرأت الخط الوسطي الأحمر على أنه محور الكون
إذاً هو محور التكوين أيضاً كونه جاء خلف منتصف الكتلة المهيمنة على العمل هنا استقرأت العمل من وجهة نظري كقاصة ، ولي مرجعياتي الدلالية ، ومخيالي الخاص
إنها علامة واضحة للحرب والسلام بكل مافيهما من تناقضات وتشابهات
أما التكوين الذي هو محور أو مهيمن العمل .. فهو عبارة عن عدَّة حرب منتحلة صفة الأرض ولكن .. أية أرض ؟
هي أرض عطشى تشققت ، حتى صار الجفاف سمتها وهذا يعني أننا نقطن على أرض متصحرة فكرياً ومعرفياً وثقافياً .. إلخ.
وليس ثمة بصيص بريق إلا في منطقة المركز المحيط بالرجل المتكئ باسترخاء وهو يطالع الجفاف ،وهذا الشكل يوحي بأنه أرض الرافدين .. أولى حضارات الأرض ونبراسها لذلك تقصد الفنان أن يجعله في المركز تماماً ، تأكيداً على أنه محور الأرض ومنطقة إشعاعه
وأخيراً .. أرجو أن أكون قد توصلت إلى ماقصده الفنان عمر مصلح ، ولو من حيث الفكرة العامة لهذا النص اللوني.
للقاص الذي يكتب بلغة تقترب كثيراً إلى الشعر ، مفردات قرائية غير شائعة تداولياً ..
وهنا توقفت عند (النص اللوني) ، وأحالني إلى فيوضات النص الذي أغرقت به النص جمالياً أيتها القاصة المبهرة.
فاشتغالك على اللون ودلالاته وتأثيراته النفسية ، كان بمثابة الحجر الأساس لتشييد هندسة قرائية مهمة ..
وتكمن أهميتها بفهم كبير لما أعلنتُه في التكوين ، وهذا ليس غريباً على أديبة تستشعر ما يغفله التلقي العادي ..
فجاءت القراءة بمثابة نص محكي لنص ملون ، وهذا هو الإبداع سيدتي التي يروق لي دائما تسميتها بعين القلادة.