في ذلك الليل الشتائي البارد هوت على صغيرها واحتضنته وضمت رأسه الصغير بين أضلعها ونشجت فوقه أدمعها لأنها أحست بنهايتها بعد أن يأست واستسلمت لمرضها العضال...
لا تخف يا صغيري من تبدل سحنتي واصفرار جسدي وجماد مقلتي ..إقبل عليّ واعتمر في صدري قليلا..!!
فأدرك الإثنان غفوة وناما ، الصبي توسد ذراع أمه وتاهت روحه المستسلمة للأحلام ومدنها السعيدة...
والأم تصارع بقائها بعيون معلقة بين الفراق وتشبثها بصغيرها..
فاحتدم صراعها وبدّل إشكالية البقاء..!!
إستفاقت ذاكرته الصغيرة وجن بعد أن جن ليله ودهشت عيناه بعد أن أحس بفراقها الأبدي وتطابقت مفاهيمه الصغيرة بالإستذكار...
وبسملت شفتاه بأسمها فصرخ أمي ...واقترن بكائه بعويل شاعر يأتيه عبر أثير الليل وظلماته البعيدة..
تمنيت يا أمي نسير خفيّا =ونوغل في بحر الهموم سويّا
قالت له أمه مرارا بني لا تكن بكاءً دامع الجفن لأنك ستصبح رجلا
والرجال لا يبكون ولا أرضى أن تكون عزوفا عن اللعب مع اقرانك..
أخرج بني وشاركهم مباهج الحياة فأن فعلت ذلك سأكون راضية عنك
وسأتيك كل ليلة....
يفر من ملاعبه وتخور روحه عندما يرى أمهات أصحابه يأخذن أولادهن بدعابة حلوة ...فيعمد الى تكديس ثياب أمه ويدس أنفه بين جمعها..
ليشم بقايا رائحتها فيمتزج العرق بالدمع الذي يخونه ..فتفوح منه رائحة أمه الزكية ...
آخر تعديل عبد الرسول معله يوم 04-28-2010 في 10:35 PM.