من اللا شيء ولد في عصور ما بعد الطوفان العظيم،ولكن أدلة وشواهد عديدة تثبت بأنـــه كان صبيا في تلك العصور غير إن السفينة ومن كان عليها رفضوه فسجل باسمه أول حكم بالموت تقرره البشرية وذلك حين عقدت من اجله محكمة ديمقراطية إنسانية سريعة نفـــــذ الحكم فيها بموافقة الأغلبية بعد أن كانت المحاكم والأحكام تعقد وتنفذ من قبل الرب فقـــط، قيل أن الحكم نفذ بحقه والطوفان ابتلعه إلى الأبد،ولكن ظهوره المفاجيء على اليابسة قبل أن تحمل الحمامة غصن زيتونة النجاة جعل الجميع يجزمون بأنه وبإصراره على الانتقام خاض في مديات البحر طويلا حتى أدرك أو...أدركته اليابسة،عرفه كل من نجى ولإيمانهم المطلق بحتمية القدر المكتوب قالوا:
ـ بأمر الرب وإرادته أطلق العنان لحياته الاعجازية.
حياته الطويلة التي كرسها للقتل والبطش بكل إنسان أو بكل ما يتصل به،والمثير في حياته وعمره الأزلي هو تمسكه المطلق بالخلود،ففي مسيرة الخلود التي قطعها سجل مجــــــازر عديدة،قام بقتل(انكيدو)(وكلكامش)وظفر بعدها بنبتة الخلود،في حينها كان يدعى بـ(خمبابا) كان يمتهن أسماء عديدة،سمي في فترة ما بـ(حمورابي)،واعد للبشرية مسلة الأحكام حرفها بعد قرون وجعلها مرنة كالألبسة الداخلية،هو في كل مكان...مع أيوب في محنته عندمــــــا أغوى زوجة النبي الذي مسه الضر،قتل الهدهد الذي جاء لسليمان بنبأ من سبأ،وكذلك سلـــم يوسف للأسباط وللجب،لاحق موسى واجتاز انشطار البحر الذي أحدثته عصى النبي ولكن رغم إن له ثلاثة قبور هرمية في مصر ظهر مرة أخرى وقدم للبشرية كتاب العهد القديم بعد أن تدخل في قصصه وحرفها خدمة لمصالحه(الهاذوية).كان حاضرا لكل الكوارث،في فترة ما أحب أن يكون ملكا فسمي نفسه(ابرهه الحبشي)فهاجم بفيلته الكعبة،وفي مرحلة أخـــرى لاحق وعذب المسلمين وقاتل في بدر واحد والخندق وحنين وصفين وألطف،كان له في كل معركة اسمه الخاص(عمر ابن هشام)(عمر ابن عبد ود ألعامري)(مرحب)فارس اليهـــــود و(شمر ابن ذي الجو شن)،وبين كل تلك المعارك والأسماء حول نفسه جملا لا تضع الحرب أوزارها ولا يتوقف نزيف الدماء إلا ببروكه فبرك مكرها،في كل تلك الأحداث والملاحم لم يكن همه النصر أو الهزيمة بل كان همه الاستمتاع بالقتلى ودمهم المسفوح علــــى الأرض ،وبعد هذا المدى الشاسع من الجهد صار عاجزا عن متابعة الكوارث والحروب،كبــــــرت رقعة العالم فقرر أن يتزوج ليترك خلفاء له على الأرض،تزوج من امرأة اسمها(حورية) شدد عليها فحولها(حرية)لغرض البطش والتنكيل بها وفرض الوصاية الأبدية عليها،أنجب منها الكثير والغريب في ذريته هو إنهم حال بلوغهم يعتلون عرش الملك،ابنه البكر كان احد خلفاء المسلمين والآخر كان(هولاكو)والآخر(نابليون)أما صغيرهم فقد سماه (هتلر)،ذلـــــك الصبي الذي أثلج صدر أبيه بحربين لو الحقهما بثالثة لأباد العالم بأسره،حتى أحفاده وأبناء أحفاده كانوا يعتلون مناصب عديدة ومهمة،منهم من صار وزيرا أو رئيسا لإحــــــــــــــدى المنضمات الإرهابية،وأتعسهم أو اقلهم شأنا صار مديرا لإحدى الشركات التي يسحق فيهــا الضعيف ويرفع من شأن المنافق،هو الآن عجوز هرم متعته المراقبة والترقب،يراقب يوميا ما يقوم به الأبناء والأحفاد لأجل المفاضلة بينهم،يترقب بشوق ابنا أو حفيدا يقوم بمنحـــــــه شرف لقب(الابن الهاذوي البار)شريطة أن يحارب ويضطهد ويعذب ويبث المجاعـــــــات والأمراض لا لشيء إلا للمتعة والشهرة،واهم من كل ذلك هو أن يعيد له وللبشرية صياغـة التاريخ القديم،وتحديدا أن يقوم بإحداث طوفان جديد،طوفان ليس كطوفان الرب،انه الآن يترقب وينتظر،ينتظر طوفانا لا ماء فيه بل بحر دماء خال من سفن النجاة أو الأنبياء،مـــــا زال يترقب بلهفة الشغوف وينتظر،ويمكن أن ينال حلمه أن شاء الرب أو شدة النزيــــف.
***
مشتاق عبد الهادي
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 06-30-2013 في 11:35 PM.