تفسير ابن كثير
يقول تعالى مخبراً لرسوله صلوات اللّه وسلامه عليه أنه لا علم له بالساعة، وأرشده أن يرد علمها إلى اللّه عزَّ وجلَّ، لكن أخبره أنها قريبة بقوله: { وما يدريك لعل الساعة تكون قريباً} ، كما قال تعالى: { اقتربت الساعة وانشق القمر} ، وقال: { اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون} ، وقال: { أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه} ، ثم قال: { إن اللّه لعن الكافرين} أي أبعدهم من رحمته { وأعد لهم سعيراً} أي في الدار الآخرة { خالدين فيها أبداً} أي ماكثين مستمرين فلا خروج لهم منها ولا زوال لهم عنها، { لا يجدون وليا ولا نصيراً} أي ليس لهم مغيث ولا معين ينقذهم مما هم فيه، ثم قال: { يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا اللّه وأطعنا الرسولا} أي يسحبون في النار على وجوههم، وتلوى وجوههم على جهنم، يتمنون أن لو كانوا في الدنيا ممن أطاع اللّه وأطاع الرسول، كما أخبر اللّه عنهم بقوله: { ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً} ، وقال تعالى: { ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين} ، وهكذا أخبر عنهم في حالتهم هذه أنهم يودون أن لو أطاعوا اللّه وأطاعوا الرسول في الدنيا، { وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا} قال طاووس: { سادتنا} يعني الأشراف و { كبراءنا} يعني العلماء، أي اتبعنا السادة وهم الأمراء والكبراء من المشيخة، وخالفنا الرسل { ربنا آتهم ضعفين من العذاب} أي بكفرهم وإغوائهم إيانا { والعنهم لعناً كبيراً} قرئ كبيراً وقرئ كيثراً وهما متقاربان في المعنى.