وقفت سيارة أجرة أمام المستشفى و نزل منها رجل في الثلاثين من العمر يحمل باقة ورد في يده اليسرى. أدى للسائق أجره ووقف أمام باب المستشفى و ابتسامة مرسومة على شفتيه. اليوم ستغادر خطيبته لبنى المستشفى و يستطيعان أخيرا إقامة حفل الزفاف الذي تأجل أسبوعين .
فقد وقعت حادثة سير مروعة للبنى ثلاثة أيام قبل حفل الزفاف. أصيبت في رأسها بجرح خطير دخلت على إثره في غيبوبة دامت ثلاثة أيام. استفاقت بعدها لتجد نفسها محاطة بخطيبها سفيان الممسك بيدها اليسرى و عائلتها.
ولكن ، كل ذلك أضحى من الماضي و ما يهم الآن هو الحاضر.
لقد جاء لزيارة خطيبته لبنى أمس و أخبرته ممرضة تسهر على لبنى أنها ستغادر المستشفى اليوم.
دخل سفيان المستشفى و ألقى التحية على رجل امن واقف بباب المستشفى و الذي اعتاد سفيان رؤيته كلما جاء لزيارة لبنى.
توجه إلى المصعد الذي سيأخذه إلى الطابق الثالث حيث ترقد لبنى و هو شارد الذهن ، غارق في ترتيبات العرس و المعازيم و الطعام ، حتى انه لم ينتبه إلى صوت ممرضة تنادي عليه.
لم يفق من شروده إلا بيد تلمس كتفه الأيمن للفت انتباهه.
نظر سفيان خلفه فرأى الممرضة المدعوة نجوى و هي تحدق فيه.
ابتسم لها سفيان و اعتذر لعدم سماعه نداءاتها.
لم تلق الممرضة نجوى أي اهتمام لاعتذار سفيان ، و لكنها بادرته بالسؤال : ً أستاذ سفيان ، إلى أين أنت ذاهب؟ ً
نظر إليها سفيان باستغراب ظانا أنها تمزح بطرحها هذا السؤال السخيف.
لم تترك له الممرضة نجوى مجالا للتعليق على سؤالها فاسترسلت في كلامها : ً أستاذ سفيان ....ألم تستوعب بعد ما قلته لك ؟ لقد أخبرتك أن خطيبتك لبنى ماتت و دفنت منذ خمسة أيام خلت . فلا داعي لحضورك كل يوم و أنت..... ً
لم تكمل جملتها إذ انفجر سفيان غاضبا و هو يصرخ : ً لبنى لم تمت. ... لم تمت.... هل تفهمين؟؟ لا يمكن أن تموت. لقد وعدتني أنها ستتزوجني و تظل إلى جانبي طول العمر. و أنا أعرف جيدا لبنى : هي لا تخلف عهودها. زيادة على هذا فكل الاستعدادات جارية لنقيم حفل الزفاف بمجرد خروج لبنى من المستشفى. ً
ارتأت الممرضة نجوى أن لا فائدة من مناقشة سفيان. لذلك ( و كما جرت العادة ) قامت بمجاراته و أخبرته أن الطبيب منع الزيارة.
حزن سفيان لأنه لن يرى خطيبته لبنى اليوم أيضا و سأل نجوى : ً حسنا. سأذهب الآن و أعود يوم غد . ً
نظرت إليه الممرضة نجوى بحزن و هي تسأل : ً هل.... ستأتي غدا أيضا للمستشفى ؟ ً
ابتسم لها سفيان و هو يردد : ً طبعا سآتي غدا و كل يوم إلى أن تغادر لبنى المستشفى كي نقيم حفل الزفاف. ً
ثم نظر إلى باقة الورد في يده. قدمها للممرضة نجوى راجيا منها أن تخبر لبنى أنه هو من احضرها .
أخذت نجوى باقة الورد دون أن تتفوه بكلمة.
ودعها سفيان و اتجه إلى باب المستشفى.
تابعته الممرضة نجوى بنظراتها و هي تردد في حزن : لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم.