الى
القلب
المعذب
وصلتني رسالة من شاب بعنوان (( الى القلب المعذب )) وكان المسكين متألما على من حبها ، بصدق واخلاص ، بحيث أصبح لا يدرك كيف أنها تركته ، واختارت آخر حسب ادعائه.
على الرغم أني ما مررت يوما ما بهذه التجربة في حياتي , الا انه ذكرني بأيام صباي ، عندما كنت انقش تصوراتي على وريقات ، وأسبغ عليها طابعا مأساويا.
كتبتها في حينها ، كتعبير انسانيٍ مني لهذا الشاب المتألم , وارسلتها له ، تعبيرا عن مشاعري اتجاهه ، واتجاه كل الذين انكووا من قبله ، من ذكور واناث.
.................................................. ............
ذكرتني ياأخي بأيام صباي ، إذ كنت وما زلت اعشق الطبيعة. كنت اسرح بين الحقول وأناجي أزهارها ، وكأني حقا مع بشر مثلي ، أبادلهم مشاعري ويبادلوني المشاعر. كنت كطائر حر ، هائما بين الحسن والزهر والماء.
ذهبت يوما إلى بحيرة آمالي ، لاصطاد حظي ، و رميت شبكة أمنيتي وانتظرت قليلا ، وسحبتها بصعوبة فرحا ، فوجدتها مملوءة بالحجارة ، والأوساخ.
أخرجت كل ما فيها ، ورميتها ثانية ، وانتظرت كعادتي وأنا جالس على بساط التمني
((أتمنى لو أراه حلما ... والتمني رأس مال المفلس ))
وبعد انتظار قصير سحبتها وكلي أمل ، فوجدتها في هذه المرة مملوءة بالأفاعي ، تركتها جزعا ، وهربت خائفا ، لأنجو بنفسي ، غير أني عدت إليها بعد وقت ليس بقصير ، فوجدتها فارغة وحمدت ربي.
رميتها في المرة الثالثة ، وبعد هنيهة ، وجدت الشبكة تتحرك ، فاستبشرت بشيء مفرح مع شعور ممزوج بنوع من الخوف ، بذلت كل جهدي في سحبها ، إذ كانت ثقيلة ، وأفلحت والحمد لله.
أخذتني الدهشة وأنا أرى فيها فتاة ملطخة بأوحال الماسي ، ومصائب الزمن ، بحيث لا أحد يستطيع أن يميز بين قبحها وجمالها ، وخيرها وشرها ، وخبثها وطيبها ، وكنت اسمعها تقول : شكراً ، شكراً يا منقذي ، وكان جسمها يرتجف ، وكأنها في شتاء قارص البرد.
تركتها مسرعا ، قاصدا بيت أحلامي ، وجلبت لها فستانا من نسيج عواطفي ، فارتدته شاكرة ، وصارت تحدق بي بعمق ، وكأنها تعيد لنفسها ذكريات الدهور ، بآلامها ، وأفراحها ، وأتراحها.
أما أنا ، فوقفت حائرا خجلا ، ولا ادري ما أقول !!! كنت في حيرة من أمري. نظرت إليها ، باغيا إملاء الفراغ الذي أعيشه ، فتكلفت الابتسامة بخجل ، وأحسست وكأنها قد قرأت على صفحات عواطفي نوازع نفسي وخلجاتها .
نظرتني وابتسمت!!!!!! بابتسامتها ، تفتحت زهرة حبي في حقول آمالي ، وصرت لا أستطيع أن أخفي أحاسيسي ، فوجدتني كغصن طري أمام ريح عاتية ، إذ لابد أن أميل غير أني سوف لا انكسر. وجدت ضعفي قد تحول إلى قوة ، وخوفي إلى شجاعة ، وانهياري إلى عزم ، وخجلي إلى جرأة ، وصمتي إلى كلام !!!!!
بادرتها بسؤال تقليدي : من أنت يا فتاة ؟!!!!!! فأجابتني:
أنا سر أنت لا تفهمه ، وأمر أنت لا تدركه ، ووهم أنت لا تعرفه ، ولغز يصعب عليك حله ، وحلم حلو سوف تفقده في يقظتك.أنا الوردة التي تفتحت في قلبك ، في حقول آمالك ، وأنا الشوكة التي سوف توخز مشاعرك ، وترد إليك رشدك ، لكي تتعلم واقع الحياة. جلبتني من أعماق الدهور إلى بحيرة آمالك ، ومن ثم أخرجتني منها بشبكة أمنياتك ، فشاهدت بأم عينيك حالتي التي أفزعتك ، وعطفت علي ، وأنت أولى بالعطف يا صديقي. دع عنك غبار الماضي ، وابتعد عن أحلام المستقبل ، واعطني يدك لنتجول في حقول آمالك ، واسمعني ألحانا تذكرني بماض ولى ومات ، وهيهات ان يعود ، هيهات !!!!
مسكت بيدها ، وسرنا بين الحقول المطرزة بأنواع الورود ، وكأننا طفلين ، وحيدين في هذا العالم المبهج الجميل ، وصرت انظم لها الأشعار ، وأسكبها في كأس أشواقها فرحا مرحا. في هذا الجو المشبع بنشوة الفرح ، بادرتني قائلة:
وداعا يا صديقي ، أتركك لأسكن قصرا !!! وداعا ، وداعا يا صديقي !!!!!!!!!
فانبهرت من الموقف ، وأنا شاخص وكأني في حلم ، بل بين مصدق ومكذب !!! شاهدت حقا قصرا على بعد مني ، ورأيت شابا يبتسم ويلوح لها بيديه من إحدى النوافذ مرحبا!!!!!!!!!
أتركك لأسكن قصرا !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! أتركك لأسكن قصرا !!!!! ، لأسكن قصرا !!!! لأسكن قصرا !!! قصرا !!! قصرا !!! قصرا !!!!!!!!
اخوكم ابن العراق الجريح: صلاح الدين سلطان