ناجيت قبرك محمد مهدي الجواهري في ذِمَّةِ اللَّهِ ما ألقَى وما أجِدُ = أهذِهِ صَخرةٌ أمْ هذِه كبِدُ قدْ يقتُلُ الحُزنُ مَنْ أحبابهُ بَعُدوا = عنه فكيفَ بمنْ أحبابُهُ فُقِدوا تَجري على رِسْلِها الدُنيا ويتبَعُها = رأيٌ بتعليلِ مَجراها ومُعتقَد أعيا الفلاسفةَ الأحرارَ جهلُهمُ = ماذا يخبِّي لـهمْ في دَفَّتيهِ غد طالَ التَمحْلُ واعتاصتْ حُلولُهم = ولا تزالُ على ما كانت العُقَد ليتَ الحياةَ وليت الموتَ مرَحَمةٌ = فلا الشبابُ ابنُ عشرين ولا لبَد ولا الفتاةُ بريعانِ الصِبا قُصفَتْ = ولا العجوزُ على الكّفينِ تَعتمِد وليتَ أنَّ النسورَ استُنزفَتْ نَصَفاً = أعمارُهنَّ ولم يُخصصْ بها أحد حُييِّتِ «أُمَّ فُراتٍ» إنَّ والدة = بمثلِ ما انجبَتْ تُكنى بما تَلِد تحيَّةً لم أجِدْ من بثِّ لاعِجِها = بُدّاً، وإنْ قامَ سدَّاً بيننا اللحَد عزَّتْ دموعيَ لو لمْ تَبعثي شَجنَاً = رَجعت مِنه لحرِّ الدمع أبترِد خَلعتُ ثوبَ اصطِبارٍ كانَ يَسُترُني = وبانَ كِذبُ ادِعائي أنَّني جَلِد بكَيتُ حتَّى بكا من ليسَ يعرِفُني = ونُحتُ حتَّى حكاني طائرٌ غَرِد كما تَفجَّرَ عيناً ثرَّةً حجَرٌ = قاسٍ تفَجَّرَ دمعاً قلبيَ الَصلد إنّا إلى اللَّهِ! قولٌ يَستريحُ بهِ = ويَستوي فيهِ منَ دانوا وَمن جَحدوا **** = **** مُدِّي إليَّ يَداً تُمْدَدْ إليكِ يدُ = لا بُدَّ في العيشِ أو في الموتِ نتَّحِد كُنَّا كشِقَّينِ وافى واحِداً قدَرٌ = وأمرُ ثانيهما مِن أمرِهِ صَدَد ناجيتُ قَبرَكِ أستوحي غياهِبَهُ = عنْ حالِ ضَيفٍ عليه مُعجَلا يفِد وردَّدَتْ قفرةٌ في القلبٍ قاحِلةٌ = صَدى الذي يَبتغي وِرْداً فلا يجِد ولَفَّني شَبَحٌ ما كانَ أشبهَهُ = بجَعْدِ شَعركِ حولَ الوجهِ يَنعْقد ألقيتُ رأسيَ في طيَّاتِه فزِعاً = نظير صُنْعِيَ إذ آسى وأُفتأد أيّامَ إنْ صناقَ صَدري أستريحُ إلى = صَدرٍ هو الدهرُ ما وفي وما يَعِد لا يُوحِشِ اللَّهُ رَبعاً تَنزِلينَ بهِ = أظُنُ قبرَكِ رَوضاً نورُه يَقِد وأنَّ رَوْحكِ رُوحٌ تأنَسِينَ بها = إذا تململَ ميْتٌ رُوْحُهُ نَكَد كُنَّا كنبتَةِ رَيحانٍ تخطَّمَها = صِرٌّ. فأوراقُها مَنزوعَةٌ بَدَد غطَّى جناحاكِ أطفالي فكُنتِ لـهُمْ = ثغراً إذا أستيقظَوا، عَيناً إذا رقَدوا **** = **** شتّى حقوقٍ لـها ضاقَ الوفاءُ بها = فهلْ يكونُ وَفاءً أنني كمِد لم يَلْقَ في قلبِها غِلٌّ ولا دَنَسٌ = لـهُ محلا، ولا خُبْثٌ ولا حَسد ولم تكُنْ ضرةً غَيرَى لِجارَتِها = تُلوى لِخيرٍ يُواتيها وتُضْطَهد ولا تَذِلُّ لخطبٍ حُمَّ نازِلُهُ = ولا يُصَعِّرُ مِنها المالُ والوالد **** = **** قالوا أتى البرقُ عَجلاناً فقلتُ لـهمْ = واللَّه لو كانَ خيرٌ أبطأتْ بُرُد ضاقَتْ مرابِعُ لُبنانٍ بما رَحُبَتْ = عليَّ والتفَّتِ الآكامُ والنُجُد تلك التي رقَصَتْ لعينِ بَهْجَتُها = أيامَ كُنَّا وكانتْ عِيشةٌ رَغَد سوداءُ تنفُخُ عن ذِكرى تُحرِّقُني = حتَّى كأني على رَيعانِها حَرِد واللَّهِ لم يحلُ لي مغدىً ومُنْتَقَلٌ = لما نُعيتِ، ولا شخصٌ، ولا بَلَد أينَ المَفَرُّ وما فيها يُطارِدُني = والذِكرياتُ، طرُّيا عُودُها، جُدُد أألظلالُ التي كانتْ تُفَيِّئُنا = أمِ الـهِضابُ أم الماء الذي نِرِد؟ أم أنتِ ماثِلةٌ؟ مِن ثَمَّ مُطَّرَحٌ = لنا ومنْ ثمَّ مُرتاحٌ وُمتَّسَد سُرعانَ ما حالتِ الرؤيا وما اختلفَتْ = رُؤىً، ولا طالَ ــــ إلا ساعةً ــــ أمَد مررتُ بالحَورِ والأعراسُ تملؤه = وعُدْتُ وهو كمثوى الجانِ يَرْتَعِد **** = **** مُنًى ــــ وأتعِسْ بها ــــ أنْ لا يكونَ على = توديعها وهيَ في تابُوتها رَصَد لعلَّني قارىء في حُرِّ صَفْحَتِها = أيَّ العواطِفِ والأهواءِ تَحْتَشِد؟ وسامِعٌ لفظةً مِنها تُقَرِّظُني = أمْ أنَا ــــ ومعاذَ اللَّهِ ــــ تَنْتَقِد ولا قِطٌ نظرةً عَجلى يكونُ بها = ليْ في الحياةِ وما ألقى بِها، سَنَد محمد مهدي الجواهري