ظهرت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين مدرسة الديوان، حركة تجديدية في الشعر العربي على يد عباس محمود العقاد وإبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري. سميت بهذا الاسم نسبة إلى كتاب ألفه العقاد والمازني وضعا فيه مبادئ مدرستهم واسمه "الديوان في الأدب والنقد". حُددت أهداف المدرسة كما يقول العقاد في الديوان "
" وأوجز ما نصف به عملنا إن أفلحنا فيه أنه إقامة حد بين عهدين .وأقرب ما نميز به مذهبنا أنه مذهب إنساني مصري عربي" تدعو هذه المدرسة التمرد على الأساليب القديمة المتبعة في الشعر العربي سواء في الشكل أو المضمون أو البناء أو اللغة. نهجت هذه المدرسة النهج الرومانسي في شعرها ومن أبرز خصائص هذه المدرسة: الدعوة إلى التجديد الشعري في مواضيع الشعر التي تؤكد على الاطلاع على الشعر العربي القديم والاطلاع على الشعر العربي الحديث والاستفادة من الآدا ب الغربية والاستعانة بمدرسة التحليل النفسي".
من خصائصها:
التأمل في الكون والتعمق في أسـرار الوجـود. التطلع إلى المثل العليا والطموح. القصيدة حي كائن كالجسم لكل عضو وظيفته . الجمع بين الثقافة العربية والغربية. الشعر تعبير عن النفس الإنسانية وما يتصل بها من التأملات الفكرية والفلسفية. وضوح الجانب الفكري مما جعل الفكر يطغى على العاطفة. الوحدة العضوية المتمثلة في وحدة الموضوع ووحدة الجو النفسي. الصدق في التعبير والبعد عن المبالغات. استخدام لغة العصر. ظهور مسحة من الحزن والألم والتشاؤم واليأس في أشعارهم.
التجديد في الموضوعات غير المألوفة . استخدام طريقة الحكاية في عرض الأفكار والآمال.
نشأت من المدارس الشعرية الجديدة بعد مدرسة الإحياء التي أسسها محمود سامي البارودي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم وعلي الجارم، إلا أن مدرسة الإحياء لم تهتم بالتجديد في الشعر حيث كان اهتمامها إحياء الشعر العربي من الاندثار. . تزعمت مدرسة الديوان التجديد في التعبير الشعري ، وألحت في الدعوة إليه . مدرسة الديوان من المدارس الأدبية الحديثة تأسست على يد شكري والمازني والعقاد الذين قاموا بدور كبير في خدمة الآداب العربية وخاصة الشعر العربي، ونشر حركة التجديد في الشعر العربي الحديث، وتسمى مدرسة شعراء الديوان نسبة إلى هذا الكتاب النقدي المشهور، الذي اشترك في تأليفه العقاد والمازني، وهو في جزأين وشرحا فيه دعوتهما الجديدة، ونالوا بالنقد حافظ إبراهيم وأحمد شوقي ولطفي المنفلوطي كما لم يسلم زميلهم عبد الرحمن شكر من نقدهم اللاذع ..
وقد أحدث هذا الكتاب الصغير ضجة كبيرة في الجو الأدبي والشعري في مصر والعالم العربي، وكان له تأثيره على شوقي والمنفلوطي، وغيّر من نظرية عمود الشعر القديمة، وعلى الرغم من أن عبد الرحمن شكري فارق زميليه وتركهما وحدهما في الميدان إلا أنه يعد رائد هذه المدرسة الأول، وإمامها الذي اقتدت به، وهؤلاء الثلاثة ثقافتهم إنجليزية ووجهتهم هو الأدب الانجليزي. وقد ذكر العقاد في كتابه ( شعراء مصر وبيئاتهم في الجيل الماضي) أن ثقافة مدرسة شعراء الديوان كانت تتناول كل الثقافات العالمية، عن طريق الأدب الإنجليزي، وأنها استفادت من النقد الإنجليزي فوق استفادتها من الشعر. وقد ذكر بعض النقاد أن العقاد أكد في كتبه ومقالاته أن مدرسة الديوان هي أول حركة تجديدية في الشعر الحديث، وأنكر فضل مطران على حركات التجديد هذه، وكانت ثقافة مطران فرنسية، وذكر العقاد كثيراً أن شوقياً وحافظا تأثرا بمدرسة الديوان، وهذا الادعاء غير صادق فيما قاله العقاد، وتجنٍ على حافظ إبراهيم وأحمد شوقي.