مشوار مع قصيدة ( مشوار )للشاعرة العراقية الكبيرة عواطف عبد اللطيف
مشوار مع قصيدة ( مشوار )للشاعرة العراقية الكبيرة عواطف عبد اللطيف \
العنوان يوحي إلى رحلة قصيرة ومحدّدة وبما أن العمر قصير ومرهون بتحديد فيكون العنوان رمزا لهذا العمر القصير والمحدد بإيحاءة ذكية واختيار دقيق لهذه المفردة التي تكاد تكون عامية أكثر من كونها فصحى .
وكعادة قصائدها فقصيدة مشوار مقتطفة من حقول أحزانها الشخصية والوطنية .. وحين يكون الشاعر وطنيا ملتزما تكاد تتوحد جروحهما في بوتقة الذات والبوح كما اعتدنا ذلك من شاعرتنا المتميزة
بدأت قصيدتها بعتابية موحية للعمر الذي لم يترك لها الخيار في الاختيار :
بالرُّغـمِ عشـتُ تفاصيـلـي وأطــواري
ما قـال عمـرِيَ يوماًهـاكِ فاختـاري
ثم بحكمة ولا أحلى في بابها فتقول:
مـا دمـتُ مرغَمَـةً فـي شـأن مزرعتـي
لا ذنـبَ لـي إن يكـنْ وردي كصُـبّـاري
فربما يعاتبها البعض من قرائها ويتساءل عن سبب هذا الحزن والدمع والشجن في نتاجها الفكري والشعري وكأنها تقول له (الجود من الموجود) أو (الإناء ينضح ما فيه) والشاعر الحقيقي والملتزم بصدق الأداء في ما يعكس من واقعه .. لا يستطيع أن يدّعي اليباس وهو مبلل بالمطر..
ولمعرفتها بحتمية النتائج وما تؤول إليه الخطوات .. لا تحاول البت في تغيير الأحداث :
عـشــت اللـيـالـي ثـقـيـلاتٍ دقـائـقـهـا
فـي غربـة الــروح لا وكــرٌ لأطـيـاري
تعيش حالة من شرود المشاعر ووصفتها بالأطيار الشريدة التي لا وكر يأويها من المناخ المحاط بها.
وكعادتها كما نوهت في البداية بأن الشاعر قد يتوحد مع الوطن ويصبح الوطن جزءا منه وإن تجزّأ ..وربما تقمص الوطن دور الحبيب ..أو الحبيب يتقمص دوره في تناوب جميل لا تناقض فيه البتة فنجدها هنا تخاطب روح الحبيب الذي فقدت كما نعلم وكأنه يسمعها في نجوى شوقها للوطن وللحبيب:
خوفي وهمي احتباس الغيم في وطني
وأن تجـفـف ريـــح الـلـيـل أنهاري
وأن يـغــادر عـنــي الـطـيـر مـبـتـعـداً
وأن تعانـي حقـولـي جــدب أمـطـاري
وهذا هو مصدر قلقها الدائم وخوفها على ما يجري في الوطن من احتباس الغيم والمعاناة التي فرضت على أهلها وعليها أيضا نتيجة غربة الروح
وهي لا تحجب ما بها من شوق ولهفة وحنين إلى الحبيب بل كلّ ذلك نتيجة حتمية لعشقها الطافح والطافي على أديم حرفها معترفة بكل أسرارها ولم لا فالحبيب هو الوطن وكذلك العكس.
ليمـسـح اللـيـل أوجـاعــي فيغـمـرنـي
سكونـه وهــو دون الـكـون أســواري
وفي زوايـاي تمشـي الـروح مسرعـةً
إليك..أنت ابتهالاتي وقيثاري
وفي هذه القصيدة وجدنا نسبة التفاؤل عند شاعرتنا قد زادت بشكل واضح وملموس قياسا إلى قصائدها الأخرى التي تتناول نفس الموضوع وتحوم حول ذات الفكرة .. فتحلم باستقرارها النفسي والروحي من هذا الأمل المرسوم بأمل العودة إلى حضن الحبيب الوطن أو الوطن الحبيب.
سيدة الحزن العراقي المقدس نخلة الوطن كنت هنا أتسكع كسائح كسول زاده ما شاهد من روعة وانبهار خمولا لذيذا .
ونثرت فراشات اعجابي بين يدي حرف سامق وبيان ساحر وأداء متقن تنم عن شاعرية فذة ومشاعر نبيلة
السعد كان هنا
لك السعد ولحرفك المجد