هي مجرد عادة قد تكون سيئة أو مجرد عادة واكبت تناولي للتفاح إن حصل وتناولته، فلا هو من الفاكهة المفضلة عندي، ولا أشعر بلذة تناوله إن لم أقم بهذه المراسم لتناوله، أبدأ في العادة بتقشيره على شكل قشور صغيرة، أقوم بتناولها قبل تناول اللب أو حبة التفاح نفسها، كثيرا ما كانت توجه لي الانتقادات من الحضور إن كان هناك أحد أثناء ازدرائي حبة التفاح، "وخاصة من السيدات" اللواتي يحاولن دائما الظهور بمظهر أرقى مما هن عليه أصلا، عبر إتباع بعض السلوكيات المبالغ فيها، وكوني لست على علاقة جيدة بالمجتمعات النسائية، فغالبا لا تترك تلك التعليقات أثرها عندي، ولكن الانتقاد وكثرة التعليق غرس عندي رغبة ملحة لتفسير سبب ذلك التصرف. أظن أحيانا بأنني أنتقم من تفاحة آدم وحواء تلك التي هبطت بنا وبهم من جنان الخلد لهذه الأرض، وعرتهم وخلقت منهم شيعاً وقبائل، فانتشرت البغضاء بينهم، فلا تعرف من مع من، ولا من عدو من.
وربما أيضا وهذا سبب ربما يكون فيه نوع من المنطق على الأقل بالنسبة لي، وهو تفاحة "نيوتن" وتلك الجاذبية اللعينة التي تجعلنا متسمرين على الأرض، أو تسحبنا بكل ثقلها لنعود صاغرين لنحتضن الأرض وننام شئنا ذلك أو لم نشأ.
تفاحة نيوتن أيضا دائما تجلب لي"صورته معها"، وقبلها كانت تجلب لي صورة ذلك الطبيب الذي شخص حالتي في أحد الأيام، نبهني لضرورة التخلص من عادة التدخين وإدمان القهوة، ولا أعرف لماذا لم يقل لي إدمان التدخين، فالحقيقة أفضل لقب مدمنة على لقب معتادة. المحصلة نكاية في الطبيب توقفت عن زيارته، زدت عدد السجائر التي أدخنها، ضاعفت عدد مرات احتساء القهوة، حتى أصبح بالكاد رؤية يدي تخلو من سيجارة مشتعلة أو فنجان من تلك السمراء التي أعشق.
بالطبع كانت تفاحة نيوتن، تلك التي سقطت من أعلى الشجرة على أم رأسي مباشرة؛ بمجرد أن تعرفت عليه، عرفت نوعا مختلفا من الجاذبية لا أظن أن نيوتن بعلمه استطاع معرفتها أو التقرب منها، كان هناك دوما ما يشدني إليه بقوة عجيبة، لست معجبة بأفكاره حقيقة، فهو أحيانا متحرر بقمة التحرر، وأحيانا أخرى يتلبسه الشرقي المتعصب جداً، فأحار أي منهم من يتحدث معي الآن، أو من يجالسني منهم؟ المتحرر ذو الوجه الطلق المبتسم، الذي دفعني للخروج من قوقعة تفاحة آدم وكلام الطبيب، أو هو تلك التفاحة التي سقطت على نيوتن ؟؟!! فانجذب بقوة لشرقيته وأنسى الأخر الذي كان قبل قليل.
المهم أن انجذابي له لم يفتر، ولو أنه كانت تعتريه أحيانا موجات من الغضب والبرود، لكنه أستمر يسري في دمي كسريان النيكوتين تماما لا خلاص منهما، فكلاهما رغم أنف الطبيب نوعٌ من الإدمان لا بد من علاج للخلاص منه، رغم تأكدي من استحالة حدوث هذا الأمر معي ولكنه نوع من الافتراض لا أكثر.
كان انجذابي له ربما سببا رئيسا في تصنعه الثقل أو الانشغال الدائم، بأي شيء ممكن أن يخطر في بال أي شخص يحمل صفات مثل صفاته، أضف لصفاته أيضا نوع من الدلال والغرور، كان يتعامل فيهما معي وحدي من دون البشر، "لا يلام.. فمن يشعر بانجذاب أنثى له، لا بد أن يمثل الدلال"، وبما أنني أنثى واضحة لا لبس في تصرفاتها ولا تحبذ الازدواجية في التعامل، كنت صريحة منذ البداية بأنني انجذبت له "انجذاب أجمل" من نظرية الجاذبية الأرضية.
كانت مشاعره مختلطة لا تكاد تبين حتى أني أحيانا كثيرة أتخيله يزدري الحديث معي كما أزدري حبة التفاح تلك , وأنه لا يصدق متى يصل للقضمة الأخيرة حتى يرمي ما تبقى ويكفكف نفسه ويرحل تاركا مكانه فارغا أعاشره كما تفاحة سقطت من علٍ ولا تملك الانتقال من مكان لمكان بسبب تلك الجاذبية اللعينة.
ومشاعري كانت جياشة فقد كنت أدمنه وأدمن تواجده في حياتي كثالث ثلاثة لا يتم اكتمالها في دمي بغير هذه الصورة الثلاثية "هو والسجائر والقهوة .
بين تفاحتي وتفاحة نيوتن وما اقترف آدم وحواء قصة ستستمر رغم أنف الجميع وسنبقى كالمعلق من رأسه ينتظر لحظة السقوط...أقصد الانجذاب .
بقلم : رائدة زقوت