دمعٌ لتموزَ المضرَّج بالغياب
كلُّ الكمنجات استعدت للبكاء
والنايُ كان
يبكي ويغرق في النحيب
وأنا الغريب
صوتُ المكان يشدّني
لأطير صوب غمامة أخرى هناك
يا ليتَ لي وجها تغمَّسَ في الندى
حتى أراك
هات اعطني يوما عصاك
كي أنزع الفوضى التي
سكنت ملامح حقلنا
هي كرمةٌ
قد نعتصرها في المساء
حتى تشاطرني النبيذ
يوما ستتبعني خُطاك
وأتوه في فلك انتباهي من جديد
وحدي على باب القصيدة واقفٌ
وغداً سيبدأني النشيد
لا شئَ يقلقني على باب الطفولة من جديد
أو حين ألمحُ صورتي
وكأنني ما كنتُ طفلاً ذات يوم
وكأنَّ أحداثَ الطفولة كانَ حلماً قد تناثر في المنام
وحدي أنا
في هذه الدنيا الغريبة في الفصول
لا ظلَّ لي
حتى أحسَّ بأنني
يوما مررت من الحواري والزقاق
لا خلَّ لي
لا أصدقاء ولا رفاق
حتى أعيد صياغة الفرح المعلَّق في العناق
لا صوتَ لي
حتى يبادلني الحديث
ماذا أقول اليوم لي
لو كنتُ يوماً جدولا
كي ترتوي أعشابُ حقلك من دمي
حتى أعيدك للرحيل وللرماد
للعابرين إلى الرحيل
وردٌ وشاي
وغناءُ طير
هيا ارحلي
نحو المدينة الحالمة
ثمَّ اتركيني مرتين
حتى أراها تحت هدبي نائمة
منفايَ لي
منفاك لك
والوقت يمضي كالسحاب
هل نلتقي
إن شئتَ في مقهى المدينة في المساء
غرباءُ نحن
ولنا هنالك طاولة
وقصيدتان
ولنا شراب
شكراً لتموز المضرَّج بالعذاب
شوقٌ لآب
يوماً سيرجعني إلى الأرض اليباب
ويعيدُ لي
ما ضاعَ منّي ذات شوق في اللقاء
بعض التفاصيل الدقيقة للحنين
لغتي وحبرُ قصيدتي
حلمٌ يراودُ فكرتي
شكراً لتموز المسافر في السراب
وجدٌ لآب
يا عاشق الوجع المحاصر في المدائن والقرى
ماذا جرى
حتى تحاصرك البلاد
جلادنا لا وجهَ له
لا قلب له
دعني أحاوره أنا
كي تستريح من الألم
دعني أعيرك إن أردتَ اليوم جلدي
حتى تعانقه السياط
واصرخ قليلا إن لمحت سياطه
تسري على ظهري وجلدي
حين يبدأني الألم
وتصيح عني طالما
قد صحتُ قبل اليوم عنك
شكراً لتموزَ المضرَّج بالجراح
لا الشمسُ شَمسُكَ لا السلاح
في كل شبرٍ فوقَ أرضي حاجزان
وبَنادقٌ خلفَ الحواجز صوبَ قلبي مُشرعة
لا أشرعة
في البحر تحملُ راحَتيك
قُل ما لديك
حتّى أعيدَكَ للمرافئ سالما
لا الشمسُ شمسكَ لا السلاح
زمنُ الجراح
هذا رَحيلُكَ من دمك
أمرٌ مُباح
هذا بقاؤكَ خلفَ ظلّكَ كي ترى
وجهاً تَخفّى في القناع
قُم وارتديني في ظلامكَ نجمَةً
حتّى تَسيرَ بلا ضياع
وجعٌ لتموز المقيّد بالأنين
والليلُ لي
في كل يوم تشتهيني نجمتان
ولها يراودني الحنين
من بات مثلي فوق سرج الريح يغفو في المدى
لا تسأليني يا صبية كيف يخطفنا الرّدى
هي قنبلة...
كانت هنالك في الممر
وضحيّةُ الموت المفجئ طفلتان
في كلّ ليلٍ تشتهيني نجمتان
هي قبلةٌ أخرى لظلّ جديلة
وقصيدتان
لا نهرَ لك
حتى تُعدَّ زوارقاً صوبَ اليمام
لا بحرَ لك
حتى تفكّر بالرحيل إلى الغمام
القاتلون الآن جاءوا
من شارع ٍ
فيه المخيّمُ كان يحبو
نحو المدينة الوادعة
كي ينشدوا لك أغنية
وردٌ لجرحك حين يقطُرُ بيلسان
ماذا تبقى من شهورٍ في السنة
حتى نموت على الرصيف
هذا حُزيران الموشَّح بالهزيمة والبكاء
أيلول أم تموز أم آذار أم نيسان
ماذا تبقى من شهور في السنة
حتى نفكّر كيف يخطفنا الهوان
نيسانُ يا نيسانُ يا وجع المدينة والمكان
لمدينتي نيشان من
دمعٍ تناثر في الدموع
ولها شراع
قد أخطأتها البوصلة
حتى تعيش كما المدائن هانئة
في كل ليل تشتهيني نجمتان
نم يا صديقي تحت جفني ربما
يوماً ستشعر بالأمان
ثمَّ استحمَّ بدمعتي
ما عاد لك
إلا المنافي والحصار