الأخ الفاضل محمد سمير،
أهلاً وسهلاً بك في هذا الحوار الذي يسلط الضوء على الهم المشترك...
ولأهمية ما جاء في ردك الكريم سأحاول أن أتناول كل نقطة على حدا..
1.منذ عام 1917 والشعب الفلسطيني مستفرد به من القوى الإستعمارية والصهاينة في الوقت الذي يقف فيه العالم العربي والإسلامي متفرجاً على ذبحه .وليس من المعقول أن نبقى نقتل والعالم يتفرج علينا بل ويتهمنا بالإرهاب.
-أشكرك لإنك أنصفت المقاومين الفلسطينيين الذين بدأو نضالهم منذ دخول الصهاينة الى الأراضي الفلسطينية وحتى نكون منصفين وعادلين يجب أن نعطي كل ذي حق حقه ..فكل قطرة دم سالت على ارض فلسطين من أجل فلسطين لها قدسيتها وعلينا في هذا الإطار أن ننصف الشهداء العرب حيث كان الجميع يرزح تحت نير الانتداب البريطاني والفرنسي بعد الحرب العالمية الاولى وتقاسم النفوذ ورغم هذا فأن الجيوش العربية شاركت عام 48 ومقابرهم في فلسطين والاردن خير شاهد ودليل..أي أن شرف النضال الفلسطيني لا يٌنسب الى هذا التاريخ 1 يناير 1965 فقط الذي ارتبط بأول رصاصة..لإن الرصاص انهمر قبل ذلك بكثير.
2. إتفاق أوسلو هو إتفاق إعلان مبادئ وليس إتفاقية سلام مع الصهاينة.
- اتفاقية اوسلو او اعلان مباديء كما سموه بمفهوم القانون الدولي وثيقة اتفاق معلن وفيه خطوات مطلوب من الجانبين تنفيذها..ما يهمنا كمواطنين ليست المسميات القانونية التى بلا شك لن نصل الى عمق معانيها مع غريمنا الصهيوني لإنهم متخصصين في صياغة القوانين والاتفاقيات وتجاوزونا بمراحل وتبين كم الثغرات التى كانت بهذا الاتفاق والتى كانت بلا شك تصب في صالح المحتل الصهيوني...
3.أوسلو بكل مساوئه وفر أرضاً شبه محررة كانت بمثابة قاعدة إرتكازية للمقاومة .وهذا ما كان يصرح به الشهيد خليل الوزير أنه يجب التمسك باي أرض يمكن تحريرها من أجل الإنطلاق إلى تحرير باقي الوطن السليب.
من يتابع المشهد الفلسطيني منذ تاريخ توقيع اتفاق أوسلو المشؤوم سيلاحظ بأن الأراضي الفلسطينية أخذة بالتأكل بفضل المستوطنات التى لم تتوقف حتى يومنا هذا..ثم بموجب الاتفاقية يقر الاحتلال الصهيوني بحق الفلسطينيين بإقامة حكم ذاتي انتقالي على الأراضي التى تنسحب منها في الضفة الغربية وقطاع غزة على أن تكون سلطة وطنية وليست دولة مستقلة ذات سيادة وستكون سلطات الاحتلال المسؤولة مسؤولية تامة عن حفظ أمن هذه المناطق "أي غير مسموح للسلطة الفلسطينية إنشاء جيش وطني فلسطيني". .وبالمناسبة لا تنص الاتفاقية على أن الضفة والقطاع أرض فلسطينية وإنما هي أرض إسرائيلية يحكمها الفلسطينيون حكماً ذاتياً..
كلنا يتابع على وسائل الإعلام العربدة الصهيونية في الضفة الغربية..يدخلون ويخرجون بمن يشاؤون ..يقتلون هذا ويعتقلون ذاك دون أي تدخل من قوات الأمن الفلسطينية...طبعاً هم يتصرفون بحرية من باب أن الأرض أرضهم..
تقول وفر ارضا محررة للارتكاز عليها...الارض المحررة يا أخ محمد تعني سلطة وارض وشعب..وهنا الكارثة..اسرائيل باعت للوفد الفلسطيني الوهم واشترت الاعتراف بها كحقيقة واقعة..اي سلطة يا أخ محمد التى لا تملك حرية الحركة فمن رئيسها الى أصغر موظف فيها لا يخرج ولا يدخل إلا بتصريح ولا تملك حرية القرار الاقتصادي والسياسي..
وأي ارتكاز لمقاومة والشعب مكبل بالتنسيق الأمني مع اسرائيل بموجب الاتفاقية التى تقول" تنبذ منظمة التحرير الفلسطينية الإرهاب والعنف وتحذف البنود التي تتعلق بها في ميثاقها كالعمل المسلح وتدمير دولة الاحتلال." أي أن أي عمل ممكن أن يضر بمصلحة الصهاينة سيصنف على انه إرهاب حتى لو كان من باب الدفاع عن النفس ..
هل يستطيع المفاوضون الفلسطينيون تعريف ماهية الإرهاب الذي سينبذونه حسب الاتفاق الذي وقعوا عليه؟
4.ليس للصهاينة أية أطماع بقطاع غزة وإنما أطماعهم تكمن في الضفة الغربية .وقد رفض أبو عمار رحمه الله تعالى عرضاً عام 1995 يتلخص في إقامة دولة (مؤقته ) في غزة ثم التفاوض على الضفة ، وكان هذا نتيجة وعيه وحسه الإستراتيجي .
ليس لاسرائيل أطماع بقطاع غزة !!! ؟؟؟ أعتقد أن الصهاينة لم يخفوا أطماعهم وخارطة اسرائيل في الكنيست تشير الى دولة يهودية من النيل للفرات هم يعلنون خارطتهم ودولتهم بكل ثقة..ونحن نجمل لهم النوايا وندفع عنهم التهم؟؟؟؟؟؟؟
5.إن من وقع أوسلو هو من فجر الإنتفاضة الثانية المسلحة ، وقد دفع حياته ثمناً لذلك .وقد كانت نسبة الشهداء من الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة هي 55% من مجموع شهداء إنتفاضة الأقصى(الإنتفاضة الثانية).
- انتَ فلسطيني وانا فلسطينية ونعلم جيداً بأن الذي فجرة الانتفاضة الثانية ليس من كان يجلس على الكراسي..بل هم أطفال وشباب وشيوخ ونساء الحجارة ومن ضمنهم الأجهزة الامنية الذين هم جزء من النسيج الفلسطيني قبل أن يكونوا موظفيين بالسلطة وكلنا يعلم الأجهزة الأمنية لم تستلم أوامر بالقتال بل انحازت لأهلها وأرضها وفرضت واقعاً على السلطة اضطرت للتعامل معه...وما اسرى الانتفاضة إلا شاهد عليها..
6.إن من قام بالإنقلاب في غزة قدم الإنقسام على طبق من ذهب للصهاينة ولا يزال .وهذا يدل على عدم النضج السياسي والإستراتيجي.وقد وافق على فكرة الدولة المؤقته التي رفضها أبو عمار رفضاً قاطعاً.
مسألة الانقلاب والانتخابات..هو موضوع شائك ومعقد لا نبرئ منه أحد في الوصول للانقسام الفلسطيني ضمن تداعيات اقليمية ودولية..ولكن كان للانقلاب حسب ما أسميته رغم انني اختلف معك في التسمية دور كبير في تعرية الساحة الفلسطينية التى بدت مهلهلة الى درجة مؤلمة..لا قادة ذو قرار سياسي حكيم..لا استراتيجيات واضحة..تبعيات فصائلية مقيتة..لا ولاء لوطن أو ثوابت..كم من الأمراض النفسية التى ظهرت على العلن.. أدت الى تراجع قضيتنا سنين الى الوراء وفقدانها لهيبتها..
تفرد حركة فتح المسيطرة على منظمة التحرير الفلسطينية بالقرار الفلسطيني واقصائها للفصائل الأخرى جعلها لا تتقبل وجود طرف أخر ونشوب الصراع بينها وبين حماس الذين جاؤوا بانتخابات من شريحة كبيرة من الشعب " هذا لو كنا نحترم ارادة الشعوب" ولو صعد اي فصيل غير حماس كالجبهة الشعبية أو الديمقراطية أو اي فصيل أخر سيكون نفس الصراع..للأسف لم يستطع السيد عباس من القيام بدوره كرئيس للشعب الفلسطيني للم شمل الفلسطينيين كلهم وتعامل مع أهلنا في القطاع بمبدأ العقاب على اختيارهم لحماس..والحرب الأخيرة ليست ببعيدة عن ذاكرتنا ..استرجاع للتصريحات من السيد عباس ومتحدثيه الرسميين كفيل لإيضاح هوة الخلاف الفصائلي الذي يصب في مصلحة المحتل الصهيوني بالدرجة الأولى..
في هذا السياق أحب أن اقتبس فقرة من أخر حديث صحفي للراحل أبو جهاد -الذي أجمع على احترامه كل الفلسطينيين - والذي نشرته صحيفة الأنباء الكويتية والتى نٌشر بعد اغتياله بيوم واحد يوم 17/04/1988 وذلك لتوضيح نهج القادة الحقيقيين الذين يؤمنون بأن العمل النضالي لا يٌقصي أحد ..
أبو جهاد: يجب التأكيد أولاً أن الإنتفاضة الوطنية الكبرى في الأرضي المحتلة هي إنتفاضة كل الشعب الفلسطيني بكل فئاته العمرية وبكل شرائحه الإجتماعية وقواه وإتجاهاته السياسية، إذ لا يوجد بيت واحد في فلسطين المحتلة لم يقدم شهيداً او جريحاً أو أسيراً أو معتقلاً، ورصاص جيش الإحتلال يوجه إلى صدور الجميع بلا إستثناء ولا تفرقة وتمييز. ومن الطبيعي أن تشارك كل القوى في هذه الإنتفاضة الكبرى.
والتيار الديني هو بالتأكيد إتجاه أصيل في شعبنا الذي حفظ له التاريخ عدم سقوطه في التعصب أو المذهبية، والثورة الفلسطينية هي بالأساس حركة جهادية مناضلة، وثورة مستمرة على الإحتلال الذي هو الباطل نفسه، والثورة هي بهذا المعنى المسئولة عن كل الوضع في الأرض المحتلة.
وقد حاولت سلطات الإحتلال في بداية الإنتفاضة أن تثير تناقضاً بين قوى شعبنا بجانب المحاولة المكشوفة للطعن في شمولية تمثيل منظمة التحرير الفلسطينية لشعبنا وقيادتها لانتفاضته الكبرى، كما سعت سلطات الاحتلال إلى محاولة استدعاء الرأي العام الغربي على الإنتفاضة إنطلاقاً من إثارة موجة التعصب الديني، أو بالربط المزعوم بين الإتجاهات الإسلامية وبين ما يسمى بالحركات الإرهابية.
7.منذ عام 2007 وهو العام الذي وقع فيه الإنقلاب ، والسلطة لا تزال تحول لغزة 58% من موازنتها .
سكان قطاع غزة فلسطينيون، والسلطة الفلسطينية تحصل على المعونات الدولية بإسم الشعب الفلسطيني بكامله دون تحديد مناطق..وأن السيد عباس يعلن أمام المحافل الدولية بأنه رئيساً لفلسطين وليس رئيساً للضفة فقط إذن ما يقوم به ليس منّة أو فضل منه عليهم..واتساءل هل حولت السلطة مستحقات المواطنين في غزة الشهور الفائتة وهل قامت بدورها الإنساني لحل أزمة أهل غزة؟
8.لقد حافظ أوسلو على الهوية الفلسطينية وحشر الصهاينة في خانة لا يحسدون عليها .وهم يتمنون نشوب إنتفاضة ثالثة ليمسحوا كل ما بناه أبو عمار وأبو مازن .
لقد لفت نظري السطر الأخير من ردك " وهم يتمنون نشوب إنتفاضة ثالثة ليمسحوا كل ما بناه أبو عمار وأبو مازن".. وكأن القيام بانتفاضة ثالثة عمل هدام من شأنه هدم المنجزات العظيمة التى حققها كل من ابوعمار (وأبو مازن ؟؟؟)..أليس هذا ما يريده المحتل الصهيوني ..الغاء ثقافة المقاومة في الأوساط الفلسطينية ونزع أنيابهم لتأمين وجوده على الأرض؟؟؟
الصهاينة لم يتم حشرهم في أي خانة..هم يضربون عرض الحائط بأي قرار أممي لا يروق لهم ..هم مستمرون في الاستطيان..هم ينتهكون القدس بمقدساتها..هم يعتقلون ويقتلون..هم يسيرون وفق مصلحتهم ولا أحد يستطيع الوقوف في وجههم.
أما الهوية الفلسطينية أخي محمد فمن حافظ عليها هو الشعب الفلسطيني في الداخل بفضل صموده ومقاومته الباسلة ، وفلسطينيوا الشتات بفضل دعهم المادي وحضورهم في كافة المنابر السياسية والاعلامية والثقافية مما أتاح لهم فرصة توضيح الصورة الممجوجة من قبل وسائل الإعلام عن القضية الفلسطينية..
الاتفاقات بدون شعوب لا تحافظ على هوية ولا تصنع دول..وهنا المشكلة ..فالسلطة الفلسطينية تتعامل وكأنها سلطة بلا شعب مما أضعفها كطرف مفاوض أمام المحتل الذي يشكل الشعب الاسرائيلي له ظهير قوي..
خير من لخص الوضع القائم بعد اتفاق أوسلو المفكر الراحل إدوارد سعيد:
"منظمة التحرير الفلسطينية حولت نفسها من حركة تحرر وطني إلى ما يشبه حكومة بلدية صغيرة، مع بقاء ذات الحفنة من الأشخاص في القيادة"
الإنصاف الحقيقي والمطلوب من كل فلسطيني هو قراءة الاعلان أو الاتفاقية بعين فاحصة منحازة للأرض والتاريخ والوطن ومنصفة للدم الفلسطيني ولكل قطرة دم أريقت من أجل فلسطين فقط وليس للفصائل.. بذلك نكون قد انحزنا لثوابتنا وحقوقنا وأنصفنا الدم المسال والرجال الذين ضحوا وما يزالون.....
احترامي وتقديري ،
سلوى حماد
.............................
أختي الغالية سلوى
أحترم وجهة نظرك
وأختلف معك في بعض النقاط
محبتي