هناك في متحف الآثار كانت توجد قطع أثرية من عصور مختلفة ، وكانت تفوح منها رائحة الماضي البعيد ..
وفي إحدى الزوايا وُضِعَ إبريق من الفخار كان الزمن قد خط خطوطه عليه .. إذا نظرت في الإبريق رأيت بعين خيالك كان وأخواتها يجلسن بداخله يحكين قصته ، وقصة صانعه ..
قالت كان : كان الزمان مختلفاً .. في مكان ما منذ ألاف السنين عاش رجل يحترف صناعة الفخّار
وبعد أن طلع الصباح قالت أصبح : أصبح الرجل نشيطاً ..
أكملت أضحى وأمسى وظل باقي القصة ، وكل واحدة منهن تحدثت عما أنجزه ذلك الصانع في الوقت الذي يخصها من النهار .. تحدثن كيف أن ذلك الرجل كان يعجن الماء بالطين أولاً ، وبعد ذلك يأخذ جزءاً منه ويضعه على القرص الدوار ليشكله على هيأة إبريق ، وينقش عليه نقوشاً مختلفة ، وبعد ذلك يفصله بخيط رفيع ويتركه ليجف ، ثم يضعه في الفرن لساعات طويلة ليصبح جاهزا للاستعمال .
أنهى الصانع عمله ، وتحول ذلك الطين إلى شيء آخر مختلف ، فقالت صار : صار الطين إبريقاً .
عاد صانع الفخار إلى بيته ليلاً واستسلم لنوم عميق ، فقالت بات : بات الرجل متعباً .
أما ليس فقد أخبرتنا بأن ذلك الإبريق بيع بثمن قليل ، عندما قالت نافية : ليس الإبريق ثميناً .
نعم .. منذ ألاف السنين لم يكن ذلك الإبريق ثمينا .. أما اليوم فهو لا يقدر بثمن لأنه يحمل رائحة زمن مضى ..