عندَ الشفقِ ترتدي النوافيرُ ثوبَها المعطّرِ برائحةِ زنابقِ الشّام وياسمينها والعصافيرُ تطلّ منَ المشربياتِ تغنّي مع خريرِ ماءِ بردى لتستيقظَ الذكرياتُ كالحورياتِ يسبّحْنَ حاضِرَها وماضيها في الشامِ تقرأُ بركُ المنازل آياتِ الجمالِ مرحبة بزوارها وتعصر لهم من نانرجها وكبادها شرابَ المودة وقبل الرحيل لا تنسى الشام أن ترشّ على أحبابها زهور الياسمين فتتراقصُ قصائدٌ من عيونِ الشعر وترتلُ النواعير آيات سِحْرها على ضفاف العاصي ، وترحلُ حماةُ بالنفسِ للماضي العريقْ تسترجعُ حكايات الجداتِ في أمسيات الصيفِ عن شهدائها الأبطالْ ، وحمص البهية تبكي ديكَ الجنِ وتعانقُ بصمودها الجبالَ وأحمرَ قرميدَها.. تبكي الحضارةَ والتاريخَ حين حمّ الهجرُ وباتَ التنائي بدلاً من تدانيها تئنُ العذارى والأراملُ ويحزنُ اليتامى وتغصّ بالدمعِ عَتباتُ البيوتِ.. وكلّ من هجرَ لياليها ستعودُ للشامِ الحياةُ .. وتولدُ من شرنقةِ الموتِ أغانيها .