دخل , نظر محاولا التذكر. كانت الجدران نظيفة قبلا, كانت الترابيزة قائمة وسط الحجرة , كان الكرسي قبالتها قائما على أربع , كان الإنسان موجودا .. أعاد النظر, العناكب تحتل الجدران, التراب يعلو الوجود. الأرضية الملساء الناعمة ، الترابيزة المنفردة هناك هناك في أقصى الركن، الكرسي الملقى في إهمال جريحا.
هو كان يجلس وعليه جوع السنوات وتراب الفزع .. خطا إلى الداخل، قال: لعل الخطو يذكره أو يعيدني، كثر الخطو وما عاد.
- قال : رجعت!! نعم ، أنا هو .. ألا تتذكرني؟!
رفع الجالس رأسا فانتثر التراب مالئا المكان ، نظر ، لم ينبس.
- ألا تعرفني؟ لقد عدت ..
انكفأ في إهمال ، خرجت حروفه قيودا وحزنا :
-أعرفك ،أنت من رحل وتوغل بك الرحيل ،.. هناك وحدك وهنا وحدك ، فارجع ..
-إني عائد منتويا الـ..
تطاير الشرر من الرأس ذي الشعر الأشواك :
-صه! .. قلت : ارجع ، لا أريدك ..
انكفأ الرأس وعليه ظمأ السنوات العطاش، نظر الوجه ، دخله التراب ، شربه ، امتصه.. بدأت القدم الانسحاب على السطح الأملس الناعم .