رابط النّص المشتَغَل عليه https://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=23139
1تقديم للنّص
العنوان حين يذوب الثلج
عنوان يحدّد وجهة النص في مستوى مدلوله ...فهو احالة مرجعية لمقتضيات تنسجم بين ذوبان الثّلج واندثار وتلاشي الأحاسيس
الّنص قويّ عميق التجليات لما نقرأه نحسّ أن كاتبه وضع ذاته امامه عند كتابته.
به افصاح وربّما كتمان ولذّة في استعادة مغامرة ما
غنيّ تنصهر في مادّته اللغوية أبعاد شتّى لعلّ أهمّها على الإطلاق الحيز الدّاخلي الرّابض في الذّات الكاتبة المتأزّمة الممّزقّة التي تسعى لأستحضار حلم في تعاريج الوجدان والذّاكرة ...حلم تجيئ أزمنته وملابساته مركز الثقل في النّص..فبعض المشاعر التي تحياها الذات الإنسانيّة لا تجيئنا كلّ يوم وهو ماقد دفع القصي هنا الى التّهويم عنها في لحظة خارقة تزامنت مع انتاج هذا النّص الرّاقي...
2خصائص النّص اللّغوية
اللّغةفي مجملها تعكس اختلاجات عابرة برع كاتب النّص في استنطاقها واستكناهها والإفصاح عنها وحسن تأطيرها لمقاصده
أمثلة على هذا
غفوت قليلا
رافقني طيفك
أفقت على عبق رحيقك
قلبي يرتجف..
لحظة هذيان
لم أنتبه لنفسي
فكأنّ المعجم اللّغوي هنا يتحرّك على مدار لحظات خاطفة بين اغفاء واستفاقة وارتجاف وهذيان في تدليل على اكراهات متماوجة بين هدم وبناءوالغاء واثبات ....
فالحركة النّفسية الوجدانية للكاتب تتماوج حزينة أحيانا مضيئة أخرى يترجمها تلعثم مقصود في الكلام .
3تدقيق في بعض الصّور الشّعريّة في النّص
وما بعد مُنتَصف الليل يُفتَضح الضَجِيج وتَتفتح أزهار الصمت
وتنساب الهمسات بين مُنحدرات الأمنيات لتصب في بحيرة التهدج
الجنوح الى اللّيل رغبة في التّحفظّ على الحديث في الحبّ الذي يتملكنا والليل وحده بعتمته يخفي تفاصيل الحكاية وما اقتحم جوارحنا منها....
في النّص أيضا انفلاتات تشدّ المتلقي بتناقضاتها البديعة وارتداداتها وتأزّماتها كالقول هنا
حُلماً كُنت
كَحُلم التائه في البحر لليابسة
أُمنية كنتِ
،وفاتني أني أُمنية كُنت لك
منذ زمن وأنا على بابك الموصود
ويدي على زناد الجمر
تحترق أصابعي
وعلى أطراف الفوهة ..بقايا العمر
لعل في لحظة غفوة
تنطلق رصاصة البوح لتخترق نجواك الصامتة
منذ زمن بعيد
أسمع لك دندنة سجينة في سوح الكبرياء
فرغم جمالية الأحاسيس فاللّغة تحيلنا الى حقل ألغام
زناد الجمر...أطراف فوهة...رصاصة بوح...تحرق أصابعي....
وبلغة على النّقيض يجيئ الأنموذج اللّفظي في نهاية النّص جيّاشا ضوّاعا به غزل عفيف رقيق...كنغم الماء السلسبيل بها توصيفات للحبيبة كقوله هنا
تفاح يافا وعِنَب جنين
ووشم كليوبترا وأهرامات الحنين
لَمعان الصحراء في وجنتيك
وزرقة البحر في عينيك
كالثريا مبسمك،وربيعاً هو ثغرك، وهدبيك قوس قزح
يا أنثى كل الفصول
.
مهارة وقدرة وحذق وامتلاك وحسن توظيف ومبدع يحترف فنون اللّغة فيرفع عروشا ويدكّ أخرى.
ففي هذا المقطع نلاحظ ترف اللّغة وبذاختها وجمالية شعريتها....
[يا أنثى كل الفصول
تَوقدي بِسواد العتمة
وأطلّي بدراً بلا أفول.....
فقد نسيت يدي حول خصرك
وبعضاً من أشيائي عند ثغرك..
وعذبك الرقراق
يخاطبني يا فارسي الراق
القادم من شموخ النخيل
أنتظرتك فارسي..جيل بعد جيل
فالإنتقاء للكلمات جاء بمنتهى الدّقة محيلا على الحقل الدلالي للعبارة ..ومثل ذلك
كلمة خصرفي ايماءةللخصوبة لدى المراة
يافارسي ...والفارس المنتظر مرتبط دوما بحلم لايأتي والذي تبقى أسواره موصدة حصينة...
وغيرها من الإستعارات التي شكّلت في عمومها الحالة الوجدانية المفعمة التي يعيشها الكاتب لحظة مكاشفة خارقة....
المبدع قصي
نصّك هذا حالة شعورية منفردة أحسست بتفاصيله ودقائقه ...وهو ما منحني تأشيرة للعبور مرتجلة هذه التهويمة المتواضعة في جزء من مضامينه .
فأرجو ألاّ اكون قد نأيت عن مقاصده وإن حدث فعذرا.
التوقيع
لِنَذْهَبَ كما نَحْنُ:
سيِّدةً حُرَّةً
وصديقاً وفيّاً’
لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن
لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن
ومُنْفَصِلَيْن’
ولا شيءَ يُوجِعُنا
درويش
آخر تعديل منوبية كامل الغضباني يوم 01-04-2016 في 08:10 PM.