كنتُ دائما أحسُدُ أولئكَ الذين لا يقرأون ولا يكتبون ، لأنهم يعيشون حياتهم بهدوءٍ بلا حرائق، ينامون في وقتٍ مُحدد، يمارسون حياتهم في رتابة ، لا يتوقفون عند المشاهد اليومية ، كلّ شيءٍ في حياتهم عابر، على النقيض تماماً بأولئك المسكونين َ بالقراءة والكتابة ، ليْلهم طويل ، يجدون َ حياتهم في الوحدة ، تستوقفهم المشاهد اليومية التي ربما تكون عنوانا لنص لهم أو شعلة ً لحكاية ...دائما يكونون َعلى قلق .
كنتُ دائما ً أستغربُ من أولئك َ الذين يستطيعون أن يحبّوا أكثر من امرأة واحدة ، يتنقلون في مشاعرهم كأنّهم يتنقلون من شريان ٍ إلى شريان داخلهم، يرددون كلماتٍ مكررة ومشاعر رتيبة ..لكنني كنتُ أرفضُ أنْ أفكرّ بأنثى غيرك ، أو أقترب َ من جدائلها ، ما أجملَ أن أكون لك وحدك !.
أعيدُ ترتيب أوراقي المتناثرة ، أتركُ قلمي وسطوري ، أريدُ أن أتأملك ِ، أسمعَ همْسك ِ ، أريدُ أن أقرأ بعينيك ِ مُتعة َالكتابة ِلك ..وأترك للفضاء ِحريّة ترتيب ِالنجمات كما يشاء دون الإقتراب من مكان القمر ...القمر الذي يشبهك تماما ، القمرُ الذي يطلّ من نافذةٍ خلفك ، فأجد لذة التأمل في تطابقه معك ..وبين وجهك والقمر ، أجدني جسرا ً محلقا ً بينكما .
لا تحبّي تشبيهي لك بالقمر ، ولا توافقي إن قلتُ لك ، كلما سمعتُ أغنية ً معينة ً تذكرتك ، لأنني لا أريدُ أن أحجز لك مكانا في ذاكرتي يرتبط بواقعة أو حَدَث ، أريد أن تملأي كلّ وقتي وتفاصيلي ، تتجولين َفي أوردتي ، فأرى ملامحك في وجوه المسافرين في الحافلات اليومية ، في عناوين الصحف، مع ضحكات الأطفال ، في حديث ِعاشقين في الطرقات ...في ألحان الكمنجات ..في رائحة الأزهار وعبق الورود حين يعانقها الرذاذ ..
كنت ِالمرأة التي أحبّت حروفي وطريقة عشقي وجنوني بها ، لم تبخلي يوما في تقديم ألف امرأة ممزوجات ٌ بك لأكثرَ من رجل ينصهرُ بي .
يا امرأةً كل النساء أنت !
تسألني المرايا كلّ صباح : كيف َ أنت ؟
فتردّ كلماتي باختصار ٍ : كيف أنا ؟
هل لهذه الدرجة تسكنينني ؟ ! هل بتُّ أنا أنت وأنت أنا ؟
دعيني أطفيء الأنوار َوأترك قلمي وأوراقي ، وأخلو بنفسي هذه الليلة ..أريد أن أستعرضَ شريط ذاكرتي معك ، وأخاف أن يحرقها النور .
أريدُ أن أتجول في خبايا روحي في عتمة المكان ، حتى لا تأخذني أيّة صورة عابرة وتُشتتُ انتباهي ،أريدُ أن أستحضرك بكامل أنوثتك الفائرة وأدّثرك بثوب الحنين .