الفنان نعيم شلش من مواليد «غصم» بمحافظة القنيطرة عام 1941.
تخرج من قسم التصوير بكلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق عام 1966. تقلب في عدة مهام وهو الآن عضو مجلس إدارة نقابة الفنون الجميلة ومتفرغ للعمل الفني. أقام عدة معارض فردية وله مساهمات دائمة في المعارض الجماعية الداخلية والخارجية. يتفرد الفنان شلش بصياغته التشكيلية القائمة على نوع من التوليفة المتوافقة والمنسجمة بين التعبيرية والتجريدية الهندسية وبألوانه الهادئة النظيفة الشفيفة الغارقة بالحلم، والحزن، والتأمل، والصمت البليغ وبموضوعه الانساني النبيل الملحاح على جوانية البشر المنطوين على أنفسهم لأسباب كثيرة، وقد تمكن من عكس هذه
ملامح شخوص لوحاته بالحرارة والصدق والعمق نفسها، التي هي عليها في الواقع حيث قام برصدها وقراءتها وتخزينها في ذاكرته وأحاسيسه ثم سكبها بكل توهجها ومعاناتها وتبايناتها في معمار لوحته التي تشكل حالة شكلية ومضمونية فريدة ليس في التشكيل السوري المعاصر فحسب وإنما في التشكيل العربي أيضاً!!..
استطاع الفنان " نعيم شلش " أن يحرر نفسه من المبالغة من خلال الضرورات الفنية التي تدفعه باستمرار للبحث عن علاج جديد لعمله ,لوحته مادة ابتكرها من ذاته .
كيف يرسم وينتج تفاؤلاً؟.هنا يكمن دور الفنان التشكيلي المبدع , أو الفن الإبداعي .فن يدفع المتلقي إلى السؤال والإجابة , يعرف الواقع والتاريخ وكيف يتعامل معهما .
في مرسمه المتواضع جداً أجريت معه الحوار التالي :
س_كيف يستعين فنان معين في فترة تاريخية معينة بتراث معين ؟
الفنان يعيد اقتفاء التطور التاريخي ويستعيد الصلة بالتقاليد الأصيلة , يحل الأزمة بعمله من أجل خلق حقائق أكثر انسجاماً مع وعي معاصر , أو القيام بقفزة نحو الأمام إلى حالة جديدة من الحسية .
س_ترسم عن الريف وأنت في المدينة ما تفسير ذلك ؟
قضيت طفولتي المبكرة في حيفا وفي عمر سبعة سنين انتقلت إلى القنيطرة وهناك تأثرت بالجو الريفي البسيط الذي يترك للفكر مجالاً ًواسعاً على السؤال والجواب .
به لا أخاطب العاطفة والانفعالات بل أصوغ معادلات فنية أكثر خصباً وغنى , أعبر عن فكرة المشهد المليء بالبساطة عن محتوى هذا المشهد من الحياة بالذات , حينه فقط يمكنني التوصل إلى تعبير فكري جديد بإيقاعات ونبرات مختلفة .
س_كونك فنان متأثر بالتراث هل المسألة تقليد ؟
المسألة هي ليست تقليد أي أسلوب بل صهر أشد العناصر تنوعا ًفي الشكل والتعبير في كيان الفن كي يصبح كلاً واحداً ذا وقع متميز بشكل لا متناه .
ماذا يحدث إذا أخذنا كل هذا التراث من الإحيائية القديمة حتى النحت المصري والفن الغوطي ومن مانيه وسيزان حتى مور وبيكاسو كنقطة انطلاق لخلق(( تركيب اندماجي )) في الفن أو (( وسائل تعبير جديدة لتطوير الوقائع الجديدة )) .
س_نجد في لوحاتك لغة فنية مكثفة ووجوه صارمة ذات إيقاعات متبادلة ما تفسير ذلك ؟
الفن يتطلب كل القدرات وكثيراً من الذكاء . ليس المطلوب هنا ذوقاً روتينياً بل كسر حاد وحاسم للأشكال النمطية المعروفة .
الفن نقد للعالم لا بد من ربطه بالفكر المطلق , يظل في محطته الروحية أكثر إبداعاً , نحن لا نعيد رسم الشجرة كما هي إنما نوحي بها من ذاتنا .
س_الفنان مؤرخ لعصره , شاهد على الإنسان والتاريخ ما رأيك ؟
الفنان له علاقة بالواقع يحاول أن يثير وينمي هذه العلاقة , يمكن أن يكون خالقاً ومبدعاً يحمل موقفه المتقدم من العالم ومساهماً فعلياً في تعميق إحساسه ووعيه لمحيطه الاجتماعي يكشف ما هو جوهري ويصوغه بعمله الفني معبراً عن روح المجتمع والعصر , يحمل موقفاً تقدمياَ إنسانياً كما كان الرسام الإسباني غويه مؤرخ حقيقي لمجتمعه إذ عرفنا على حزن الإنسان الإسباني آنذاك .
س_برأيك ما هو انعكاس العولمة على الفن التشكيلي والمجتمع ؟
تشكل العولمة خطراً , هي السعي الفوري لاستبدال هوية الشعوب وإلغاء تراثها .
علينا التخلص من الهفوات المستوردة وما تسببه العولمة من انقلاب جمالي , تاريخي , حضاري وروحي على الفن بصورة عامة وواجب على المجتمعات التمسك بالتراث من جوانبه الأكثر أهمية , أي أمة أضاعت ماضيها وقطعت التواصل بحاضرها وتجاهلت المستقبل هي أمة بلا قضية .. بلا موقف .