هنالك سور قرآنية ذات آيات قصيرة ، قليلةٍ في كلماتها ، ولكنها تمثل لي مكتبات روحية أدبية كاملة . عندما كنا نتلو في المدرسة (عبس وتولي) لم نكن نفقه منها إلا ظاهرا من القول . لم نك نعلم أنها عتابٌ للرسول صلي الله عليه وسلم وقد تصدي لأحد رؤوس الكفر في مكة يحاوره قائلا: أتري فيما أقوله بأسا؟!...
فأما من استغني . فأنت له تصدّي . وما عليك ألا يزّكي .
إن الذي يحاوره النبيّ ويطمع في إيمانه ، وتقوية شوكة المسلمين به ، خالٍ من الفؤاد . في هذه اللحظة تنساب آيات من مواضع أخري في القرآن إلي مخيلتي . "وإذا رأيتهم تُعجبك أجسامهم.." . والآية "..لهم قلوبٌ لا يعقلون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون" وهنا دخل ذلك الزعيم القرشي في حظيرة الأنعام بالرغم من احتجاج الأنعام ، فلسان حالها يقول بأنها مخلوقاتٌ نافعة . ولكن الدراما في هذا الموقف ينشأ عندما أقبل ابن أم مكتوم وكان ضريرا ومن أوائل من آمنوا ، جاء يسعي ويناشد النبي بأن يُرشده . ولما كان مجيئه متزامنا مع حوار النبي مع القطب القرشيّ عبس الرسول وود لو أن كف عن سؤاله ، وأقبل علي الآخر . فنزل العتاب الإلهي "وما يُدريك لعله يزّكي . أو يذّكرُ فتنفعه الذكري" . وهنا يبدو الفرق الهائل بين المعدن الطيب والمعدن الخبيث من البشر ، وتنساب إلي ذاكرتي آياتٌ كريمة منها " ..أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوي لهم مغفرةٌ وأجرٌ عظيم" والآية الكريمة "..ومثلهم في الإنجيل كزرعٍ أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوي علي سوقه يُعجب الزراع.." إلخ .
آخر تعديل سرالختم ميرغني يوم 07-31-2016 في 02:39 AM.