كانت عيناك َ تَهْطِلُ دَهْشَة ً وتوجعا ً غائرا ً في الثرى كلما أعدت ُ على مسمعك َ ماتيسر من مراثي النَّخيل في رواية " عزلة ُ أورستا " تلك التي غمرتني بشحوب ٍ وألجمت ْ منّي الرسائل لأيام ٍ وليال ٍ وقوافل َ من الحذر والصخب والأنفعال والتشظي . ..
تلك الرواية التي بكيت بها الوطن كما لم أبكهِ من قبل !! والتي علمتني الأغنيةَ السومرية " بعد ان تطفيء القمر وتسحب المزلاج "، والتي وزعت صمتي بين حضور الصحراء وغياب المطر !!
كانت رواية ٌمبللة ٌبالظلام والفجيعة ونتف الثلج واسرار لها رائحة الحقيقة المرة حين يتبين خيطها الأبيض من خيطها الأسود للأبرياء الأنقياء كالوهم...
إنها الأعصار الذي اقتلع َ منّي مفردة " السنابل " حين اكتب وأستبدلها بلفظة " القنابل " !!
وهي النبوءة التي كتبها قاسم شريف على أحد الجدران بعد منتصف ...الهذيان...
" تعيش الثورة الجنسية ، تسقط الحرب الأهلية القادمة " .
في الرواية ،لاأدري ..لاأدري؛ لماذا أخذ قبو "المعيدي " شكل مرسمك ؟!واستعار منفاه الثلجي ملامح ماساة مدن ٍ نسكنها بانتظار رغيف من الحلم اليومي؟ !
ولا لماذا يحرقني ملمس المطر والبرد والريح ودوي الرعد وحقول الالغام كلما غاب وجه النرجس في المرآة ؟ فتنضج بي ثورة الأنقلاب على سطوة الضباب ، فانضمّ تحت لواء(يسرى) -اميرة شحوب السماء وقت الحرب - ، الهاربة الى الحب والشمس والنهار والطيف القادم من عنقود المجرات الشاهد على اول حكاية شوق ٍ نبتت في الجنة ، وهبطت الى الارض .. حين ساءلها الأعزل :
" من هو جدير بالمطاردة من يشعل نيران الحرب ؟ ام من يشعل نيران الحب ؟ " .
ورسالة أخرى
إن أكتب إليك من جديد ؛ فلأن الحرائق رافقتني في عزلتي بعيدا عن جمرة السطور .
يقين مدهش لفني أن للسطور وفاء ً عجيبا ! فهي تتقن الصمت وقت الجنون، وتجيده حين امارس معها طقوس صلاة ٍ يغمرها السكون ،فتعيش في المبهم .. تماما كحكايتنا !!!
إن أكتب اليك ؛ فلأنه قد امتزج برمشي قمر منذ الرسالة التي قررت ُفيها الرحيل .
إن أكتب اليك فلأنها أصبحت ثقيلة على شعري ..حبات المطر ...
إن اكتب إليك من جديد ، فلأن " المعيدي الأعزل " التائه في ثلوج أورستا بعيدا عن اوحال الهزائم واوحال كل فكرة اعتراها تشوه جيني ،والذي كان – كما كنت وكنا – "حطب الحرب ومنفضة المدافع " قد داهم خلوتي وصمتي لينبئني بعد تراكم سنوات من الخديعة الوطنية والتصفية الروحية والانسانية "قبل الجسدية " أن َّ قرارات حرب دروب الحرية قد تعرفها " مومس " ، أكثر مما يعرفها ضابط في اي جيش عربي ...
أكتب اليك لأني ،
"كان بودي ان
آتيك
لكن شوارعنا حمراء
وأنا لااملك
إلا ثوبي الابيض " *
* القصيدة بين القوسين لفليحة حسن
التوقيع
ممن اعود ؟ وممن أشتري زمني ؟ = بحفنة من تراب الشعر ياورق؟