ثلمة روحي
أزف النهار وأنا أسير السير صوب ظلمات مجهولة , فمشيت بطريق دون اقدام وكأني أمخر عبابا دونه البحر وفضاء شاسع مثل كوكب غير مأهول..!!
فهفت روحي كطائر يروم أن ينزوي بين أطيان السواقي , وينسل ريشه تحت أفياء الحشائش ..فعزمت على التقاط
انفا سي ولأحصي بقايا روحي المتوثبة للتبعثر الآيلة للنثار..!!
بدأت أعدها واحصي نقدها وكأني اراها بأجساد عدة تتجندل أمامي وهي شاخصة ..هممت عدة مرات عد حلقاتها وتسلسلها فاستحال علي ذلك فخلصت لممازحتها والتحدث اليها ..فهربتْ.. وعادت .. وتملصت, وكأنها تصفني بمعسول الحديث..رحت أعدها صاغرا مكرها كمن يعد أصابع
اليدين..واذا بحلقة من حلقاتها قد فقدت وانفرطت من عقدها.....!!
الليل يوغل في ظلماته فعزمت على استرداد ثلمة روحي المفقودة بين الأخاديد والأعشاب اليابسة ..وبعد أن أفنيت ساعات من البحث
بدأ نور القمر ينفذ من أحدى الغيمات السوداء الكبيرة حتى ابصرتها وكأنها نقد ذهبي يقدح لمرأى النور مستقرة بين تجاويف أعتق القبور تاريخا فلم أتهاون فحددت نقطة الأنتقال وههممت بالأندفاع لألتقاطها وكأني في سبق عظيم .. وقبل أن أهم بذلك حتى عادت حجبة سوداء وغطت نور القمر من جديد!!
رسمت في ذهني طريقها وحددت اتجاهها وتقدمت متلمسا لالتقاطها فقبضت يدي يد قوية أزاح صاحبها التراب عن جسده منتفضا..فتجاذبت مع ذاك الجسد بقوة أعضائي حتى هم واقفا على قدميه من قوة الأنجرار...؟
فقال في خبث :..ماذا تريد مني؟؟
فقلت في تلعثم: أنا لا اعنيك ولكني أريد استرجاع ثلمة روحي !!
فقال بحزم: أريدها ولا أريد غيرها.. فعد من حيث أتيت ..؟!
أيقظ صياحنا وشجارنا أهل القبور فأخرجت الأطلال من جوفها أجساد الموتى في حلقة توسطتها وهذه الأجساد تتقدم ببطْء شديد نحوي كالدمى المسيرة فلم تترك لي ثغرة أنفذ منها ...!!
فقال أحدهم: سنقيم محكمة وأول التهم الموجهة إليك هي إيقاظنا من سباتنا عنوة .. وأقبل الاخر قائلا : سنجره ونضيفه الى عالمنا..وتوالت بعد ذلك ضحكاتهم, فتمنيت أن أكون سيد الريح أو صاحب إحدى الكرامات الذي يأخذ على عاتقه دفع الغيمات السوداء العالقة في متاريسها ليتسنى لي رؤية هذه الأطياف على عريها ...!. لاشك أنه لهوً مجانيً لمسرح بلا بطل وغياب المنطق هو غالب في هذه الواقعة فما العمل ؟
انا أمتلك العقل وسط تكوينات أجساد لاغير غيب الموت عقولهم فأية حيلة تنطوي على هؤلاء المتحذلقين اليائسين المتمسكين باستلاب روحي بالكامل وليس إعارتها .. بت أبحث عن منفذ ..!
في لحظات الضعف تولد النفوس المنهارة إبنها البار, لتطل بفارس يتقدم جموع المظلومين الحائرين الباحثين عن الخلاص؟ وخلال لحظات أبرقت السماء فارسها الموعود! فأنارت قناديل اليأس لتتكنى الأنفس بمولود الأمل, فانزاحت غيمات كثار كادت تضع تاريخا تليدا لهؤلاء الموتى ...
تقدم الفارس وشق الصفوف بطلته البهية فأركن قرطاسه المعنى (محام) وبدأ الدفاع ..يا حضرات أن موكلي الماثل في محكمتكم هو في نظركم قد جنى جناية ويستحق انزال عقوبة قاسية بحقه ...
اسمحوا يا حضرات بأن أكبح التهم الموجهة الى موكلي وأن أرفع عنه غلال الجريمة , وما كاد ينتهي من خطبته حتى انقشع كابوس الموتى وتوارت أجسادهم وعم المكان نورًسرمديً الشعلة..! فهممت بالأقتراب منه وشكره ومعانقته ولكنه ابتسم لي..! ثم غاب عن ناظري بعد أن تركني طليقا حرا أبحث عن مجد ضال يعتلي صهوة المجد ؟؟.