عادالنورس من بعيد.ارسموا على جدار كل مرفأ *لا رحيل بعد اليوم*.عاد محملا بالاشواق وقد أنهكه السفروهناك عند حافة الانتظار ألقى بأثقاله واستنشق الهواء الذي ما كان يشبه الهواء! عاد إلى الحياة من جديد ورأيت حمرة على محياه بدّدت صفرة علت ملامحه ساعة وصوله.
كل هذه السنين وأنا أعدّ العدّة لحرب ضروس أعلنها في وجه من رحل و أخذ معه الابتسامة وغرس بين أضلعي ألم الفراق وحرقة البعاد.كل هذه السنين و أنا أقلب الصفحة تلو الاخرى و أمزّق ما تبقى من خيوط الذكريات...
صمت قادم من الاعماق تعصره الاوجاع وتبدّد سكونه عاصفة الألم تعقبها صرخة وما هي بصرخة ! والافواه خلف القضبان تستجدي و بصيص أمل على حافة الحنين تعانقه الاشواق وتضرب موعدا مع شروق الشمس.رفع رأسه إلى الافق علّه يستحضركلاما يشفع له ما سبّبه لحظة ترك وراءه أحلاما وردية .....اعتقدت للحظة أنّ الربيع ابتسم لي و أن ورود حديقتي ستنمو على يده وسيشهد يوم تبهج الناظر بألوانها الزاهية.
نظر إلي نظرة مطولة توحي بالندم ....وأخيرا نطق ليقول لي والعين باكيةرجعت وقد فاض طوفان شوقي إليك ...رجعت لان المكان هناك ما عاد يحتويني ،كل الابواب أغلقت في وجهي وصرت أسمع كل لحظة أصواتا اخترقت سمعي وتربعت بين أضلعي :عد من حيث أتيت .تجمدت في مكاني والمسافة بين الالم ونشوة اللقاء شعرة واحدة. .أخفيت مشاعري لاحفظ ما تبقى من عزة النفس و نخوة امرأة مجروحة وحتى لا يكون الصفح بهذه البساطة والالم ما يزال مستشر ينخر جوارحي.ويؤجّج نيران الهجر.أصغيت إليه من جديد ولست أدري إن كان ذلك من باب السذاجة أم هو قلب امرأة تتقن النسيان.نعم أصغيت إليه بعد أن جال بي فكري حيث كنت جسدابلا روح.............
قال أنّه ملّ رؤية النوارس تحت ثلوج المنافي و أنّ هناك جميع الفصول شتاء و برد شديد..
أخرسني الموقف ولكن الفكر ظلّ يتساءل :هل عاد ليجد دفء روحي ويسكن بين أضلعي ولينصب أرجوحته بين رمش ورمش. هذا ما كنت أسمعه منه في كل لحظة .فكيف أشعل النور من جديد بعدما أسدلت الستائر على مسرحية مات البطل فيها و أمّا البطلة فقد جفّت أنهار مآقيها وحديقتها نسيها الربيع وذبلت ورودها.....
وماذا عنّي أنا؟ وهل تعاد الحياة للأموات؟
وهل ستظل أرجوحته صامدة بين الرموش؟وأضلعي هدّتها السنون و أثقلتها كوابيس الهجر..؟؟؟؟؟؟ أسئلة خدّرت فكري و أشعلت نيران الاشواق و أذابت أكوام الجليد على قارعة الطريق.
وفجأة ارتسمت على جفن الصباح تباشير الطفولة فأورد الخدّ خجلا وعانق الافق في صمت والنورس المحمّل بأشهى الذكريات يساوم لوعة الفراق ووجع البعاد .ما عساي أقول والدمع مسح ألام الماضي. ما عساي أقول والروح في غفوة تساوم أحلام الربيع وتغزو قوافل مشاعري...
للحظة تحطّم جسر مخاوفي والنورس جاثم على ركبتيه والرأس منغمسة في الارض خجلا مما اقترفه في حقي.
ليته يرفع رأسه ليرى يدي وهي ممتدة تنتظر أن يمسك بها إلى الابد .
بقلم ليلى بن صافي