جعلنا بعض الخلائق{يَوْمَئِذٍ} أي يوم إذ جاء الوعد بمجيء بعض مبادئه يَمُوجُ فِي بَعْضٍ آخر منهم، والموج مجاز عن الاضطراب أي يضطربون اضطراب البحر يختلط إنسهم وجنهم من شدة الهول وروي هذا عن ابن عباس، ولعل ذلك لعظائم تقع قبل النفخة الأولى، وقال أبو حيان: الأظهر كون الضمير ليأجوج ومأجوج أي وتركنا بعض يأجوج ومأجوج يموج في بعض آخر منهم حين يخرجون من السد مزدحمين في البلاد وذلك بعد نزول عيسى عليه السّلام،{فَجَمَعْناهُمْ} أي الخلائق بعد ما تفرقت أوصالهم وتمزقت أجسادهم في صعيد واحد للحساب والجزاء {جَمْعاً}أي جمعا عجيبا لا يكتنه كنهه {وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ} أظهرناها وأبرزناها {يَوْمَئِذٍ} أي يوم إذ جمعنا الخلائق كافة{لِلْكافِرِينَ} منهم حيث جعلناها بحيث يرونها ويسمعون لها تغيظا وزفيرا {عَرْضاً} أي عرضا فظيعا هائلا لا يقادر قدره.
وتخصيص العرض بهم مع أنها بمرأى من أهل الجمع قاطبة لأن ذلك لأجلهم خاصة الَّذِينَ{كانَتْ أَعْيُنُهُمْ} وهم في الدنيا {فِي غِطاءٍ} كثيف وغشاوة غليظة محاطة بذلك من جميع الجوانب {عَنْ ذِكْرِي} عن الآيات المؤدية لأولي الأبصار المتدبرين فيها إلى ذكرى بالتوحيد والتمجيد. الإعراب
(الواو) استئنافيّة (تركنا) من أفعال التحويل (يومئذ) ظرف منصوب متعلّق بـ)تركنا)، و(إذ) اسم ظرفيّ مبنيّ على السكون المقدّر منع من ظهوره التنوين العارض([1]) في محلّ جرّ مضاف إليه (في بعض) متعلّق بـ(يموج)، (نفخ) ماض مبنيّ للمجهول (في الصور) جارّ ومجرور نائب الفاعل (الفاء) عاطفة تعقيبيّة )جمعا) مفعول مطلق منصوب.
جملة: «تركنا ... »لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يموج ... »في محلّ نصب مفعول به ثان عامله تركنا.
وجملة: «نفخ في الصور ... »لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «جمعناهم ... »لا محلّ لها معطوفة على جملة نفخ..
(للكافرين) متعلّق بـ(عرضنا) بتضمينه معنى قرّبنا (عرضا) مفعول مطلق منصوب
وجملة: «عرضنا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جمعناهم.
الصرف
(جمعا)، مصدر سماعيّ لفعل جمع، وزنه فعل بفتح فسكون.
(عرضا)، مصدر سماعيّ لفعل عرض، وزنه فعل بفتح فسكون.
البلاغة
الاستعارة التبعية في قوله تعالى «يموج في بعض» .
شبّههم لكثرتهم وتداخل بعضهم في بعض، بموج البحر المتلاطم، واستعار لفظ يموج لذلك. ففيه استعارة تبعية.
الفوائد أفعال التحويل: اختلف النحاة في معموليها اختلافا كبيرا.
أ- جمهور النحاة أنها تنصب مفعولين أصلهما «مبتدأ وخبر».
ب- وقف بعضهم موقف المعارضة، وزعم أن معموليها قد لا يكونان مبتدأ وخبرا، وقدم كل فريق بين يديه من الأدلة ما يؤيد رأيه، ويدفع مقالة الآخر.
ولكل وجهة هو مولّيها فاستبق الحق إذا اتضح ذلك.
[1] هو تنوين العوض من جملة محذوفة أي: يوم إذ خرجوا من وراء السدّ.
من كتابي (اليوم الموعود والأعضاء شهود)
ملحوظة:
التفسير للآلوسي والإعراب من الجدول في اعراب القرآن (للمؤلف محمود بن عبد الرحيم صافي (المتوفى: 1376هـ))
التوقيع
[SIGPIC][/SIGPIC]
آخر تعديل شاكر السلمان يوم 01-28-2018 في 04:47 PM.