هل عاش نوح ألف سنة؟!!!

هل عاش نوح ألف سنة؟!!!
==============
كانت الحيرة تستبد بى كلما قرأت الآية القرآنية "ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عاما"..كيف يعيش إنسان زهاء ألف عام؟ إن ذلك وإن كان هينا عند الله فهو يتنافى مع المألوف لدى البشر ويتعارض مع علم البيولوجيا وأيضا مع رحمة الله فكيف لنبىٍ أن يتحمل مضىّ القرون على دماغه وأعصابه أمام أناسٍ لا يلدون إلا فاجرا كفارا؟!..وبينما أنا تائهٌ فى وادى الظنون عثرت عن طريق الصدفة على موقعٍ فى الانترنت للأخ الأستاذ الشاعر اليمنى اسماعيل حسين الكبسى ، أستاذ بلاغة وتفسير ، ووجدته يحلل سيرة سيدنا نوح . وتعجبت لقوله إن القرآن نفسه هو الذى يحل لك لغز عمْر النبى نوح فالآية تقول "ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه" فهذا يشير إلى أن قومه كانوا قوما واحدا وكلهم عاشوا مثل عمره . وهذا ليس هو الواقع فهنالك آية فى موضعٍ آخر بعد هلاك قوم نوحٍ تقول "ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين" . إذن قوم نوح كان قرنا مثله مثل الأقوام الأخرى . وعبارة (إلى قومه) تعنى بأن قوم نوح كان قوما واحدا . وعاشوا فى قرنٍ من الزمان . إذن أعمارهم كانت أعمار عادية وليست ألف سنة . وهذا يتعارض مع بقاء نوح ألف سنة يدعوهم والحال هنا يقتضى بأن يكونوا أقواما وليس قوما واحدا . وكل الآيات تشير إلى أن نوحا أُرسل إلى قومه . ولقد دأب القرآن يخبرنا بصفات الأقوام السابقة فذكر أن قوم عادٍ امتازوا بالقوة وقوم ثمودٍ امتازوا بفن النحت فى الجبال وقوم فرعون امتازوا بالسحر..إلخ إلخ فكان الطبيعى أن يخبرنا بأن قوم نوح امتازوا بطول أعمارهم ولكن هذا لم يحدث . وعلى النقيض من ذلك نجد آية تقول "يغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجلٍ مسمى إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر" ونستدلّ من ذلك على أن أعمارهم كانت قصيرة ولو كانت ألف سنة لما احتاجوا إلى الوعيد بأن أجل الله إذا جاء لا يؤخر . وفى آية أخرى نجد "فكذبوه فنجيناه ومن معه فى الفلك وجعلناهم خلائف.." أى أنهم صاروا خلائف وأن الأمم التى جاءت بعدهم منهم ، إذن لورثوا طول العمر منهم ولكن ذلك لم يحدث . وذُكر فى القرآن أن ابنا له كان من المغرقين وله امرأةٌ واحدة..وأضاف المؤرخون والمفسرون بأن ثلاثةً من أبنائه ركبوا معه فى السفينة وهم: سام ويافث وحام . فهل لو عاش نوح ألف سنة لكانت له امرأة واحدة وأربعة فقط من الأولاد؟...كل الدلائل المأخوذة من القرآن نفسه تشير إلى أن نوحا كان رجلا عاديا ونبيا مثل باقى الأنبياء وكان عمره عاديا مثل أعمار كل الناس . فكيف نفسر الآية القائلة "فلبث فيهم ألف سنةٍ إلا خمسين عاما"!!! هذا ما سنعرض له فى الحلقة القادمة . فقط تذكروا بأن مصدرنا الوحيد فى التأويل هو القرآن الكريم الذى يفسر نفسه بنفسه .