قالت نملة!!
======
كانت الساعة السابعة صباحا . وكنت فى سبيلى إلى الخروج إلى العمل . وعند باب الحديقة توقفت . ذلك أنى لمحت شيئا يستحق الوقوف عنده . خرقٌ فى أرض الحديقة يحفره عددٌ من النمل لم أدر كم هو ؟ رأيت من النمل عشرا ، والباقى خفى فى الخرق وفى بطن الأرض . لم يكن هذا الخرق هنا بالأمس ، ولم يكن نملٌ ، فإنى كنت أتعهد الحديقة فى نفس هذا المكان عشية . فى النمل فهمٌ وتقديرٌ وتدبير
والذى أخرجه النمل من الأرض حبات من رمل ، جعلها كومة ، بل كوماتٌ عدة ، حول باب الخرق . ونظرت هذه الحبات فراعتنى نظافتها . ونظرت إلى الكومات كيف تساوت بالتقريب حجما ، وكيف توزعت على ظهر الأرض حول الخرق بالسوية ، فراعنى استواؤها وانتظامها ونظرت إلى النمل فرادى . هذه نملة تخرج من الخرق ، وفى فمها حبة رمل لا شك هى أثقل منها ، ثم هى تلقيها فوق الأرض ، وتعود لتجمع غيرها . وهذه أخرى ، ثم أخرى ، تفعل نفس الشيئ . وتضع إحداها حبتها على كومةٍ لم تكتمل . وصبرت حتى اكتملت هذه الكومة ، وفق ظنى ، بقرب مساواتها إخواتها حجما . وإذا بى أجد النمل يتجاوزها ليحط بحبات الرمل فى الأرض البسيطة الخالية من ورائها . ونملةٌ حملت حبة ، ودارت بها تبحث لها عن مكانٍ تلقيها فيه . ويشاء حظها أنها حيثما اتجهت واجهتها كومةٌ كبيرة . وتأبى أن تزيد الكبيرة كبرا . فهل يا تُرى خشيت أن تنهار تلك الكومة الكبيرة فتسدَّ على النمل باب الخرق ؟ لا أدرى ! ولكن الذى أدريه أن النملة دارت بحبتها فلم تحط بها إلا على أرضٍ بسيطةٍ خلاء .