خديجة بنت خويلد (1)
كان لها الحسب ، وكان لها الأصل العريض ، فهى بنت الصِّيد البهاليل من سادات قريش . وفوق الحسب والأصل العريق والأرومة العتيدة كان لها الجاه العالى ، ثم كان لأبويها المال . فلا عجب أن تقدم لها السادة الغطاريف يخطبونها لأنفسهم ويدعون بما كان لها من فضلٍ وأمجاد . أمجاد كانوا يتميزون بها ويفاخرون . وهكذا تزوجت خديجة بنت خويلد سيدا من أكرم أبناء عمومتها هو "عتيق بن عائد المخزومى" فأنزلها أعز منزل وأكرمها أيما إكرام وعاش معها حياة كانت هى السعادة المدعمة المستقرة حتى شاءت إرادة الله أن يفرق الموت بين الزوجين الشابين فمات عتيق وترملت خديجة وهى لما تزل بعد فى نضارة الصبا والشباب . وعادت الأرملة الشابة إلى بيت أبيها خويلد وقد ورثت مال زوجها عتيق . فزاد لديها المال وتعاظم الثراء فشغلت نفسها بالتجارة شأنها فى ذلك شأن مجتمع قريش وشأن ساداته حتى تقدم لها "أبو هالة هند بن زرارة التميمى" وكان سيدا فى قومه له جاهه ومكانته وماله . فارتضته خديجة زوجا ودخلت بيته وعاشت فى ظله ما شاء الله لها أن تعيش . ثم لحق "أبو هالة" بربه . وترملت خديجة للمرة الثانية . وللمرة الثانية ورثت فوق مالها ، مال الزوج ، فعظم الثراء وتكاثر المال . وتبعا لذلك اتسعت دائرة التجارة واتسع نطاقها . وبحكم هذا المركز المالى الكبير والإشراف الكامل على أعمال التجارة والقوافل وعمالها وترتيب مواقيت خروجها وعودتها فى مواعيد منتظمة ، أصبحت خديجة وثيقة الاتصال بمجنمع قريش ، تعلم الكثير من أنباء أهله .