تُرى ما معنى الآية القرآنية "وَمَا هَٰذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ ۚ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" ؟ نلاحظ أن كل شيئ مرهونٌ بالزمن فى دنيانا هذه . كل شيئ ، الحزن والألم والتعاسة والجوع والعطش والسعادة والسرور والرضا والمتعة..إلخ إلخ كل إحساس مقيد بالزمن . وماذا يعنى ذلك؟ يعنى التغير وعدم الثبات . يقول أحد الفلاسفة الغربيين: إذا خاض إنسان نهرا ففى كل خطوة يخطوها ، لا هو ولا النهر يكون فى نفس حال الخطوة السابقة !!! ومعنى ذلك التغير المطّرد المستمر للحال . قد تزداد درجة السعادة ولكن بحكم التغير المستمر ستؤول هذه الزيادة حتما إلى نقصان . وإذا استمر النقصان فمصيره أن يصل إلى صفر . وليته ثبت فى نقطة الصفر فقانون التغير يلاحقه . ويفرض عليه التغير - أيا كان - لايهم ، إلى أعلى أو إلى أسفل . و(أسفل) هنا تعنى التعاسة . هذا قانونٌ كونىّ يسرى على كل شيئ وكل كائن ، جمادا كان أو حيوانا . لاتنسى مثالنا السابق فى النهر فإن التغيّر طرأ على النهر أيضا وليس عليك وحدك . وتغير النهر ليس بمستغرب ، فقد يجف وقد يشح ماؤه أو يزداد أو يتعكر وقد يتحول مجراه وقد يتحول إلى جليد..إلخ . والخائض فيه تغيّر من الخطوة السابقة . ربما ضعفت قوته أو ازداد عنفوانا أو ازداد تفاؤلا أو فوجئ بإحباط . وربما انتظمت ضربات قلبه أو تعرض لهبوط أو انخفضت نسبة السكر لديه أو ارتفعت..إلخ إلخ .
نحن فى الحياة الآخرة سنكون فى عالم لا تسرى فيه هذه القوانين . مصيبة الإنسان أنه لا يعترف إلا بما تعوّد عليه فى هذه الدنيا ، لأنه لم ير غيرها !!!