وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ.... ( من الآية 116 المائدة ) يقول الشوكاني([1])في تفسيره:قَوْلُهُ: وَإِذْ قالَ اللَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَا قَبْلَهُ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ بِعَامِلِهِ أَوْ بِعَامِلٍ مُقَدَّرٍ هُنَا: أَيِ اذْكُرْ. وَقَدْ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ مِنْهُ سُبْحَانَهُ هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ. وَالنُّكْتَةُ تَوْبِيخُ عُبَّادِ الْمَسِيحِ وَأُمِّهِ مِنَ النَّصَارَى. وَقَالَ السُّدِّيُّ وَقُطْرُبٌ: إِنَّهُ قَالَ لَهُ هَذَا الْقَوْلَ عِنْدَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ لَمَّا قَالَتِ النَّصَارَى فِيهِ مَا قَالَتْ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى: قِيلَ: وَإِذْ هُنَا بِمَعْنَى إِذَا، كقوله تعالى: وَلَوْ تَرى إِذْ فَزِعُوا([2]) أَيْ إِذَا فَزِعُوا، وَقَوْلِ أَبِي النَّجْمِ: ثُمَّ جزاه اللَّهُ عَنِّي إِذْ جَزَى ** جَنَّاتِ عَدْنٍ فِي السّموات الْعُلَىأَيْ إِذَا جَزَى، وَقَوْلِ الْأَسْوَدِ بْنِ جعفر الأزدي: فالآن إِذْ هَازَلْتُهُنَّ فَإِنَّمَا ** يَقُلْنَ أَلَا لَمْ يَذْهَبِ الشَّيْخُ مَذْهَبًاأَيْ إِذَا هَازَلْتُهُنَّ تَعْبِيرًا عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِلَفْظِ الْمَاضِي تَنْبِيهًا عَلَى تَحْقِيقِ وُقُوعِهِ. وَقَدْ قِيلَ فِي تَوْجِيهِ هَذَا الِاسْتِفْهَامِ مِنْهُ تَعَالَى إِنَّهُ لِقَصْدِ التَّوْبِيخِ كَمَا سَبَقَ وَقِيلَ: لِقَصْدِ تَعْرِيفِ الْمَسِيحِ بِأَنَّ قَوْمَهُ غَيَّرُوا بَعْدَهُ وَادَّعَوْا عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْهُ. وَقَوْلُهُ: مِنْ دُونِ اللَّهِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: اتَّخِذُونِي عَلَى أَنَّهُ حَالٌ: أَيْ مُتَجَاوِزِينَ الْحَدَّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِمَحْذُوفٍ هُوَ صِفَةٌ لِإِلَهَيْنِ: أَيْ كَائِنِينَ مِنْ دُونِ اللَّهِ. [1] فتح القدير المؤلف :محمد بن علي بن محمد بن عبد الله الشوكاني اليمني (المتوفى: 1250هـ)الناشر: دار ابن كثير، دار الكلم الطيب- دمشق، بيروت الطبعة :الأولى - 1414 هـ ج2 ص108 [2] سبأ: 51.
[SIGPIC][/SIGPIC]