المبدئ والمعيد
=========
كنت كتيرا ما أحتار فى هذين الإسمين من أسماء الله الحسنى . (المبدئ والمعيد) . حسنا ، المبدئ هو من يبدأ الشيئ . أى هو من لم يسبقه أحدٌ إلى وضع اللبنة الأولى أو تدشين بناءٍ ما . ولكنى كنت أحتار أكثر فى (المعيد) . هل المعيد هو من يعيد فعل الشيئ؟ أى من يكرره؟ كأن يخلق إنسانا ثم يكرر خلق الإنسان فيخلق إنسانا آخر؟ ثم آخر..إلخ إلخ . ولكنى لم أكن أرتاح لهذا التفسير . وكنت أتساءل: هل الإعجاز مثلا فى خلق خلية الحيوان ثم خلق خلية أخرى مماثلة ثم أخرى إلى أن تصل إلى ملايين الخلايا؟
ثم ظهرت نظريات فى التطور بأن بعض الكائنات الحية من البرمائيات كالسلاحف والضفادع والحيتان والورل والتماسيح والأسماك..إلخ إلخ مرت بأطوار مختلفة عبر عشرات الآلاف من السنين . ومنها ما كان بريا يتنفس بالرئتين ويمشى على أطراف ثم غزا البحر بسبب وفرة غذائه فى البحر أكثر مما هو فى البر أو بسبب الأمان من الأعداء فى البحر أكثر من البر..ثم اعتاد مع مرور الزمن على العيش فى البحر أكثر فتحولت رئتاه تدريجيا إلى خياشيم وأطرافه إلى زعانف للسباحة . ليكون من سكان البحر الدائمين . والعكس صحيح أن بعضا من سكان البحر وجد رزقا أوفر وأمنا من الأعداء أكثر فى البر مما هو فى البحر فصارت إقامته تطول فى البر تدريجيا وتبع ذلك تحور خياشيمه شيئا فشيئا إلى رئتين وزعانفه إلى أطراف للمشى .
هنا راودنى إحساسٌ بأن إعادة الخلق ، هنا ، تبدو جليا أكثر ومنطقيا أكثر ووضوحا أكثر من التأويلات السابقة..والله تعالى أعلم . "قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۚ قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ۖ فَأَنَّىٰ تُؤْفَكُونَ" صدق الله العظيم