يا ابنَ الفراتِ عجيباتٌ أمانينـــــا=عِشْنا زمانا لها قسراً فتُرْدينا
في كلِّ يومٍ وضوءُ الفجر نرقبــــهُ=كنّا ، وما زال فينا الشَوقُ يُضنينا
وكمْ قَصَدْناَ جنانَ الصبرِ موعِـــــــدَنا=نبُثُّ في لَهَفٍ أقصى أمانينا
مُصعِّدين بأجواءِ المنىَ حـــدَثاً=كنّا نصولُ لهُ غُرّا ً ميامينا
***=***
يا ابن الفراتِ وكمْ مرَّتْ بنا حِقَبٌ=عِشنا بِها رِمَماً ، آهٍ لماضينا !
مُزعْزَعينَ ونقتاتُ اللَّظى سَغََباً=ونستقي دَمَنا فيها وتطوينا
تحجرَّ الدمْعُ في غايٍ نجدُّ لها=سعياً ، فعُدنا هواءً في مرامينا
خمسونَ زالتْ من الأحزان قد مُلِئتْ=وما لِسَوْرَتِها صرفاً فتُصفينا
وإنّها لاضطراباتٌ برمَّتِها=واليومَ عُدنا لتستشري المنى فينا
***=***
نحنُ الأُلى كَتَبَ التأريخُ سيرتنا=في الدين والعلم والآدابِ ، يروينا
شعب الحضارات ِ نسمو في عراقتنـا=بيضٌ مآثِرُنا تُنمى لستينا *
إن اهتُضِمنا أغاثتنا طبائِعُنا =أو انطلقنا أقلّتنا مذاكينا
أو أنّ صَرْفاً جرى فينا ليسلُبَنا=بيضَ المطامحِ ، جُمّاحاً يلاقينا
فقد قبسنا حروفَ النورِ من دَمِنا=شمساً وُعِدْنا بها بالبَرْءِ تَهدينا
وقد صنعنا الضحى من ليلنا ألقاً=حتى انحنى الدهرُ في صمتٍ يُحيينا
دنيا الهوى والمنى كنّا نمدُّ لها=بالعطفِ أجنحةً جذلى ، مآقيناً
***=***
يا ابن الفراتِ أما طيفٌ يطيفُ بنا=- وكان أجدى لكَ الدنيا – فيُجدينا ؟
طيفٌ يلمُّ على يأسٍ بنهضتِنا=فنقتفي إثرَهُ عَزْماً ليَهدينا ؟
طالَ العناء بنا والوضعُ مُرتهنٌ=وما بأبعادِهِ نَدْري المضامينا
فالحقُّ مهتضَمٌ والحُزنُ مرتكَمٌ=والحالُ محتدِمٌ نسعى فيُثنيا
ما كان منّا ليومٍ فيهِ تسْريةٌٌ=إلا مُقارعةً للمجدِ تُعلينا
وإنّنا أمّةٌ جُلّى حَوادِثها=وأنتَ في حُلُمٍ محض ٍ تُعانينا!
***=***
يا ابن الفراتِ أما تدْري بِما خَبَأَتْ=لنا المقاديرُ من عُقْبى لترمينا
عيدٌ ! أجَلْ يومَ أن صالَ الزمان بنا=وغابَ عن رَهَقٍ حُكْمٌ يُجافينا
قد جاءَ ما جاءَ من ضُرٍّ ومن عَبَثٍ=وذلكم منه تَسْفيهٌ لماضينا
أظافرُ القَهرِ قد غاصتْ بنا كَبَداًً=لمْ يُبقِ دنيا لَنا ـ ظِفْرٌ ـ ولا دينا
واليومَ عدنا بأحلامٍ مجَنَّحةٍ=مِما وُعِدْنا به عُقْبى دَياجينا
فقد وُعِدنا بفردَوسٍ مُلَوَّنةٍ=بالورْدِ تُزْهِرُ ألواناً رَياحينا
وأيْمَنِ العَيْشِ في رَخْصٍ وتكْرِمَةٍ=حتى لَقينا على رَخْصٍ مناعينا
***=***
يا ابن الفراتِ أما يكفيكَ من عَبَثٍ=وكُنتَ غاليت في ذاكَ الهوى حينا
تشدّدَ الضّغطُ في أرض ٍ نرومُ بها=- من ناعم البالِ – ما يُثني مآسينا
نَـمْ في ثراكَ فقدْ خابَت مطامِحُنا=وغابَ عنّا بها ما كان َ يُزْهينا
آخر تعديل وطن النمراوي يوم 08-30-2010 في 05:54 PM.