بمــاذا تحدثك نفســـك وأنت تتجـــول فى هـــذا الوادى ؟ وأمامك هـــذه السلســة من الجبال الشــــاهقة ذات الثلوج البيضــــاء على قمم جبالها وبجانبك هــذا الوادى الفخــــيم ذو البحـــيرة الزرقـــاء الهــــادئة ؟ يجب ، كإنســـانٍ من ذوى الألــــــباب ، أن يســـرح عقلك ويتوه بوادى الظــــنون خيــــالك . البهــــيمة فقط هى من لا تحس بشيئ فى هذا الوادى سـوى تلك الأعشــاب المتناثرة والمـــاء فى البحـــيرة . أما الإنســـان فلا بد أن يجول بخاطـــره الســـؤال : متى قامت هذه الجبال بهــذا الشـــكل ، وهذا الســهل وهــذه البحـــيرة وهذه الأرض بطبقـــاتها على هــذا المكان ؟ لا بد من زمـــنٍ معين أُنشــئت فيه هــذه الأشياء . وأتى على هــذا المكـــان قبل ذلك حينٌ من الدهـــر لم يكــــن شــيئا مذكـــورا . أى أنه كان فراغا وعدما . حســـنا ، ومن كان هنا لنســـأله هل شـــاهد الصـــانع الذى بنى هذه المعـــالم ؟ وكيف كان يبنيها ؟ ومن أين كان يُحضـــر المادة الخـــام لبنائها ؟ وهل كان يُنجزها منفردا أم كان له عضــدٌ يعينه ؟ لا يقول قائلٌ منكم : ( هذه أشياء موجودة من الطبيعـــة ) . فعقلى لا يقبل هـــراءً كهـــذا ، ولا شيئ يوجــده إلا موجِد . ولينبئنا الشـــاهد - إن كان هنالك شاهد - كيف صنع كل ما تراه أعيننا من عجائب ، وهل مســه من لغـــوبٍ إثر إنجــازه لهـــذه المعجـــزات ؟ وأنظـــــر لا أرى شـــاهدا يجيبنى على أســـئلتى ، فالصــانع وحــده كان الشــاهد والبانى والموجـــد والبارئ ، ولم يكـــن هنالك أحدٌ غيره .