الخيار الصعب : و زاوية رؤية عوض بديوي
النص بنزف : أ. عواطف عبد اللطيف
رابط النص : https://www.nabee-awatf.com/vb/showthread.php?t=30394
ــــــــــــــــــــــــــــ
ســلام مـن الله و ود ،
الله الله الله ...!!!
يالجمال القصيد بنبض حرفكم ...!!
- قيل للعرب ما بال مراثيكم أجود أشعاركم ؟
- لأننا نقولها و أكبادنا تحترق ؛
و أضيف فتنفلت الذات من الذات للذات فتبوح بصدق عاطفة أكثر ، وتصدق المشاعر ...فكان* : الخيار الصعب : نص إنموذج في البناء و مجمل المضامين ( الرسالة ) و أحببت في التصدير في ذكرى استشهاد، و تجنب لفظ رثاء : في الذكرى السادسة عشرة لاستشهاد زوجي منقذ جميل روحي على يد الجبناء تصدير واع ذكي للنص ، وأحببت تركيب جميل روحي الذي يحتمل غير تأويل ؛ وأحببت لفظا آخر من بدلا من الجبناء كـ ظلمة ، خونة ، ...الخ ؛ ثمة جبناء عقلاء ...!! الخيار الصعب : نص وفاء و إخلاص و ذو بعد نستوميتفزيقي يحكي الماضي و الحاضر والقادم ، وإنموذج لنصوص ما بعد الحداثة في تحولاته و تجديده و حُحسن ابتكار صوره في بيان ساحر مع الحفاظ على الثابت ، و قد تكفل المطلع ، و بجمله الإنشائية المنتخبة باسستفزاز قريحة المتلقي لقراء النص بعناية و تأمل ، وتكفل الإيقاع بشكل عام و الوزن / البحر و قافيته ورويه بشكل خاص بتناغم مشاعر الناصة أفقيا مع عمق معاناتها عموديا ، و لا أظن أن النص جاء في ستة عشرَ بيتا من غير دلالة ، سواء أكانت هذه الأبيات اشتغلت عليها الناصة واعية أو غير واعية من حيث عددها ، و قد تتضح هذه الدلالة في بناء النص أفقيا و عموديا ؛ فنجد ثلاثة أسئلة في بيت واحد و الإجابة عليها ببيت و نصف دون الإفصاح عن المحتفى به - إذا صرفنا النظر عن التصدير - فجاء مطلعا قويا ذا أسئلة لاهثة في خبايا الذات عند الناصة :
مــاذا بـذكـراكَ الـحـزينةِ أكـتبُ ؟
مـاذا أقولُ؟ بأيِّ شيءٍ أسهبُ ؟
أنــتَ الـحـيآةُ بـوهـجهآ وجـمالها
أنــتَ الـذي لـلنفسِ دومـآً أقـربُ
أنـتً الـدواءُ وأنـتَ بلسمَّيَ الذي :
فالمحتفى به بدأت مظاهره تتضح بعد الاسم الموصول الذي يربط المطلع و تساؤلاته في نهاية الشطر الأول من البيت الثالث
وجـــعُ الــفـؤادِ بـقـربِـهِ يـتـطـببُ
كُــنـتَ الـــرداءَ وحـصـنَنا وأمـانَـنا
والـبعدُ عـنكَ هـو الـخيارُ الأصعبُ
لــو نـالني تـعبٌ ومـزّقَ أضـلعي
أدَعُ الـجوى وإلـى حياضِكَ أهربُ ؛
لنشتم رائحة النستولوجيا في ماضي المشوار من خلال العلاقة الحميمة مع بطل النص ، والوفاء و الإخلاص.... على أن الحزن يظل يلف الناصة فتلجأ لتقنية نادرة التوظيف في الشعر ؛ و أقصد بها التقنية البوليفية ، و أظنها لجأت إليها لسببين : الأول تسلية النفس و إبهاجها و افتخارها ببطل النص ، والثاني للكشف عن البعد الماورائي لمصير الشهيد فهو حي يرزق ؛ و عليه تحاوره و يحاورها لحين لقاء تؤمن به إيمانا مطلقا ، و هذه لعمري لفتة روحانية نورانية نسأل الله و ندعو أن يكون اللقاء في مراتب طوبى و عليين :
تـتعدّدُ الأصـوآتُ فـي لـيل الهوى
لـكـنَّ صـوتَـكَ دائـمـآ هــو أعـذبُ
فـلقد تـسللَ في المســــاءِ فخلتُهُ
عـزفاً عـلى وتـرِ الـحقيقةِ يضربُ
وشـممتُ عـطرَكَ عابقآ ملأ الدُّنا
وكــأنّـهُ عِــطـرُ الـحـياة الأطـيـبُ
على أن الناصة في المفصل القادم من النص لا تخرج عن مشاعرها الإنسانية الطبيعية ، التي يعيشها كل إنسان في هذه الحياة الدنيا ، لتقول : أنا إنسانة أحزن كما يحزن غيري ، أو لم يقل النبي الطاهر صلى الله عليه و سلم : ( إن العين لتدمع و إنا على فراقك يا ابراهيم لمحزونون ؟ ) أو كما قال صلى الله عليه و سلم مع فارق الحادثة ... و ثمة عام حزن كلٌّ يعرفه ؛ إذن تمام الإنسانية في تمام العبودية لله و الإيمان بقدره ؛ فجاء تعبير الناصة الإنساني في بعد عمودي منوعة ما بين النسق اللغوي الخبري و النسق اللغوي الإنشاني في المفصل التالي :
لـكـنَّ جــرحَ الـفـقدِ عـادَ مـجدَّداً
يختالُ في كسرِ القلوبِ ويسهبُ
فَـلَمَّحَتُ فِي وَجهِي سُؤَالاً حَائِراً
مَـنْ يـجعلُ الأفـرآحَ عـنّا تذهبُ ؟
أَخْـفَـيْتُ أحْـلَاَمِيَّ بِـعُمْقِي كُـلَّهَا
بـقِيَتْ تَـمَزُّق فِي الضُلُوعِ وَتَلْعَبُ
و لأن السؤال ما زال لاهثا حائرا في خبايا الذات ، و يصعب إخماده ؛ ذلك أنه يبحث عن البهجة و السرور و الفرح ...الخ ؛ فإنه يثير الشجن و الحزن ، لا بل يزيد في رحلة الغربة و الاغتراب - الذي يعد ظاهرة توقفت عندها كثيرا و لما أنته بعد من ذلك البحث لأسباب يطول شرحها - وينتقل معها في رحلة الاغتراب ، و في مستويات عدة : الاغتراب الجواني و الاغتراب داخل الوطن و الاغتراب خارج الوطن :
كـمْ رَافَـقَتْنِي آهَـتِي فِــــي غُرْبَتِي
لِـتَـكُونَ رَمْــزَ الْـيَـوْمِ لَـمَّـا تُـضْرِبُ
لَـهفِي عَـلَيْكَ، ولا مـجالَ لوصفِهِ
وكــأنَّ مـاضـينا حـصـانٌ أشـهـبُ
والشَّوْقَ ضَجَّ وفِي الفؤاد يَهزني
هَـمْسَ الْـحُروفِ لِأَجـلنآ لَا يَنْضُبُ
والـصَّبْرُ شـقْ خُدُودَهُ عَبْرَ الْمدَى
مـآ زلـتُ بَعدَكَ في آلهوى أتعذّبُ
ليتوحد في عذابات وآهات الروح و المواجيد الماضي و الحاضر أفقيا و عموديا في بنية النص الجوانية ، لا بل ينبأ ، و بنسق سيميائي في قفلة توزن بالذهب بالقادم الـتثق به ثقتها بالله ثم بنفسها ، لتقطع أ. العواطف قول كل خطيب ؛ فهي ترجو من الله ما قد لا يرجو غيرها :
لَــوْ قَـدموا لـي ِكُـلَّ أَمْـوَالِ الْـدُنَا
لـقـياك عـنـدِي مَــا أُرِيـدُ وَأَرْغُـبُ
و على لقياكم على ما يليق بوجهه الحنون الكريم ،
اللهم آمين
...............وثمة ما يقال عن هذا النص...
هي زاوية رؤية فإن وفقت فلله الفضل من قبل و بعد و إن أخطأت فمن نفسي و كسبت شرف الاجتهاد...
نص مشتغل عليه فيه الفارق والدهشة و أتى على الجمال ،
أوجعتم و أبدعتم
و رغم الحزن أطربتم و أمتعتم...
أنعم بكم و أكرم ...!!
مـودتي و مـحبتي
ـــــــــــــــــــ
* إن خدمتني الذاكراة ، و في حدود ما قرأت عن رثاء الشاعرات لأزواجهن من العصر الجاهلي حتى يومنا هذا أظن أن أمنا ؛ أم النبع الشاعرة الثالثة ؛ أي من رواد هذا الغرض الشعري ؛ إنعدم في الشعر الجاهلي و بدأت ملامحه في العصر الإسلامي وأذكر رثاء الأميرة جليلة بنت مرة لزوجها كليب (وائل بن ربيعة) بطل قبيلته ربيعة بفرعيها بكر وتغلب وحاكمها وقد قتله جسّاس بن مرة – أخو جليلة – والقصة مشهورة فقامت حرب البسوس قالت قصيدة تشكو فيها لوعتها وفجيعتها بإحساس إنساني صادق تخاطب فيها أخت كليب تقول فيها:
( يا ابنة الأقوامِ إن شئتِ فلا تعجلي باللوم حتى تسألي
فإذا أنتِ تبيّنت الذي يوجب اللوم فلومي وأعذلي
إن تكن أختُ إمرئ ليمت على شفق منها عليه فإفعلي
فعل جساس على وجدي به قاطع ظهري ومُدن أجلي
لو بعين فُديت عيني سوى أختِها فأنفقأت لم أحفلِ
تحمل العين إذى العين كما تحمل الأم أذى ما تفتلي )
والله تعالى أعلم
ابنكم : عوض بديوي
التوقيع
آخر تعديل تواتيت نصرالدين يوم 05-20-2020 في 11:20 AM.