بين الغار والإسراء وأنتَ في الغار قبلَ البعثِ مُعتكفاً = للهِ تعبدُ في صمتٍ وفي حرمِ يحفّ بالنورِ جبريلُ الأمينُ على = محياك في الغارِ يشدو يومَ ملتئمِ فاقتْ قريشٌ على أمرٍ به فَزعت = أرضُ المجوسِ وعرشُ الروم بالأطمِ أوحى إليك كتاباً جئت تخبره = للعدل يدعو وللتوحيدِ والقيمِ كان البشيرَ وفرقاناً مناهجه = بين العدالة والطغيانِ والجرمِ أقرأ هي الكلمُ الأولى وخاتمةٌ = لمنهجٍ مع روحِ العقلِ مُنسجمِ أقرأ بُنى الخلق والتكوين كيف أتى = بالعقل والقلب تدبيراً وبالفَهَمِ من كلّ شيءٍ حوى ذكرىً ومعرفةً = من كلّ آتٍ ومجهولٍ ومنصرمِ حثّ العقولَ لفهمِ الخلق مُبتدئً = وكلّ سرٍّ عن الألبابِ مُنكتمِ اللهُ أنزلهُ من فيضِ رحمتهِ = للعالمين كدستورٍ إلى الأممِ أهلُ الفصاحة لم يأتوا له مثلاً = ولا سطوراً من الآياتِ والحِكمِ لا ريبَ فيه ولا بهتانَ مُدّعيٍّ = ولا اختلافاً به في القولِ والنُظمِ ما كانَ شعراً بما صاغتْ بلاغتُه = او كانَ أضْغاثَ أحلامٍ لمُحتلمِ ما عُلّم الشعرَ نظماً قبل منزله = أو بعد ما جاءه بالحرفِ والكلمِ كلّ المعاجزِ قبل الذكْرِ قد خُتمتْ = والذكرُ باقٍ ومحفوظ بلا ختمِ في كلّ عصرِ له للفكرِ مدرسةٌ = تثري المعارفَ كالينبوعِ للأجَمِ أسراك ربّك ركناً لن يبلّغه = فرداً من الخلقِ في الآتي وفي القِدمِ أسراك ربّك في ليلٍ به جُمعت = أهلُ السماءِ كموجِ البحرِ مُلتطمِ يستقبلون ضياءً من جلالتهِ = يأتون وفداً بحالِ المشغفِ الحشمِ ملائك الله في حشدٍ وكلُّ نبي = في القدسِ خلفك في صفٍّ ومزدحمِ الكونُ ضاءَ بنورِ شقّ حلكتَه = حتّى توراتْ به إطلالة النُجمِ وقابَ قوسين أو أدنى دنا قُرباً = حتّى تجلّى له ما خُطّ بالقلمِ وقد أراه من الآيات أكبرها = فصدّق القلبُ رؤياه بلا وهمِ