مطاردة شهــــرزاد فى المحـــــاكم

من الموسوعة الأدبية الشاملة
مطاردة شهرزاد فى المحاكم

نجحت " شهرزاد " فى أن تروض " شهريار " وتقضى على عقده الجنسية وميله إلى العنف والقتل..كان شهريار يقضى كل ليلة مع فتاة بكر ، ويشبع شبقه الجنسى وقبل الشروق يكون قد قتلها..فعل القتل عنده كان حتى لا تخونه تلك الفتاة ولا يقترب منها رجل آخر . وكان الضمان الوحيد لديه كى لا يقترب منها رجل آخر هوالقتل . لم يكن لديه ثقة فى نفسه ولا ثقة بها – أى فتاة – ولم يكن يرى فى هذا العالم سوى الشبق الجنسى..هذا الشبق والنهم الذى لا يرتوى أحدث الهلع فى المدينة بين الفتيات وأسرهن ، فتقدمت " شهرزاد " لتنقذ فتيات المدينة بنات جنسها . وتنقذ المدينة من ذلك السفاح الذى لم يكن يشبع من مشهد الدم سواء فى الفض أو فى القتل وتنقذ السفاح نفسه من نفسه ومن أوهامه وعقده وبمعنى أدق من مرضه . وقد أمكن لها ذلك كله بشيئ مهم ذلك هو الحكى ..الحكى الجميل والمتصل فكان شهريار كلما أدركه الصباح يؤجل قتل شهرزاد حتى تنتهى من حكايتها ولكنها لم تنته إلا بعد أن صار شهريار كائنا سويا..فكان هذا النص البديع الذى يسمى " ألف ليلة وليلة " الذى أثار خيال الإنسانية وتأثر به الكتاب والمبدعون فى أوربا وأمريكا اللاتينية فضلا عن بلاد الشرق من المحيط الاطلنطى وحتى الهند والصين..هذا العمل الذى جعل جارثيا ماركيز يؤكد أنه لولا ألف ليلة وليلة لما كانت روايته " مائة عام من العزلة " وما كان مارس الحكى وهو الذى قال عن نفسه : جئت هذا العالم وعشت لأحكى . وتظهر بصمات ألف ليلة وليلة قوية فى أدب أمريكا اللاتينية كله وليس عند ماركيز وحده .
وفى العام الماضى أصدرت مؤسسة محمد بن راشد الترجمة العربية لكتاب " أورسولا شولتة " أستاذة الأدب الألمانى فى جامعة برلين الحرة بعنوان " أخوات شهرزاد " وترصد فيه نتاج كاتبات أوربيات تأثرن بشكل ما بحكايات شهرزاد عبر القرون الثلاثة الأخيرة..وعموما فإن تأثير " ألف ليلة وليلة " واضح فى الآداب الإنسانية كلها ......