يعتقد عصرنا أنه قام بمكتشفات كثيرة فى كل الميادين . ويظن أنه قد قدم جديدا فيما يتعلق بالتربية الجنسية ، وأن فتح أبواب الشباب لمعرفة مشاكل الحياة هو من مكتسبات العصر الحديث . وأن القرون الماضية – فيما يخص هذا الموضوع – كانت تعيش فى ظلام دامس .. غير أن كل ما عرضناه لهو دليل على أنه منذ أربعة عشر قرنا سبقت إلى معرفة الناس مسائل نظرية عن التناسل الإنسانى..حيث إنه لم تكن هناك معلومات تشريحية وفسيولوجية تسمح بالإفاضة . كان استخدام لغة بسيطة فى متناول فهم مستمعى الرسالة ضروريا حتى يمكن أن يفهموا ما يقال .
لم تمر الرسالة على الجوانب العملية مر الكرام . بل إننا نجد فى القرآن حشدا من التفاصيل عن الحياة العملية ، وفيما يختص بالسلوك الذى يجب أن يتّبعه الناس فى عديد من ظروف حياتهم . ولم يستبعد القرآن الحياة الجنسية .
هناك آيتان قرآنيتان تخصان العلاقة الجنسية . ويذكر القرآن ذلك بألفاظ تربط بين الرغبة فى الدقة والاحتشام اللازم . وعندما نرجع إلى ترجمة وتفسيرات هاتين الآيتين فإن الاختلاف بينهما هو أول ما يستدعى الانتباه . ولقد ترددت طويلا أمام تفسير هاتين الآيتين . وإنى مدين بالتفسير الذى أقدمه للدكتور عبد الكريم جيرو ، الأستاذ السابق بكلية الطب جامعة بيروت .
" خُلق من ماءٍ دافق . يخرج من بين الصلب والترائب "ٍ
يشير النص القرآنى إلى منطقة الرجل الجنسية بكلمة (صلب) . أما المنطقة الجنسية للأنثى فيشير إليها بكلمة (ترائب) وهى جمع . ويختلف هذا التفسير عن ذلك الذى كثيرا ما يعطيه المعلقون الفرنسيون والانجليز إذ يقولون : (خلق الانسان من سائل منتشر يخرج من بين العمود الفقرى وعظام الصدر) . وليس هذا التفسير مفهوما بشكل كاف .
وتشير عبارات قرآنية إلى سلوك الرجال فى علاقتهم الأثيرة مع نسائهم فى ظروف متنوعة .
فأولا هناك التوجيه بالسلوك اللازم فى مدة الحيض . وتشير إلى ذلك الآيتان222 و223 من سورة البقرة :
" ويسألونك عن المحيض قل هو أذىً فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين " " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم.. "
ولبداية هذه العبارة معنى واضح تماما . فتحريم إقامة علاقات جنسية مع امرأة حائض أمر قاطع . أما الجزء الثانى فيشير إلى الحرث الذى يسبق عند الباذر وضع البذور التى ستنبت زرعا جديدا ...إذن الهدف النهائى للعلاقة الجنسية هو الإنجاب..