الحب قبل الزواج رؤية من الماضى للمستقبل 5 فؤاد سلطان
الباب الثالث
الفصل الأول
المرأة العربية الآن
( مفترق الطرق )
لقد عاشت المرأة تاريخا" غير مستقر حافلا" بالتغيرات ، والتقلبات في جميع الأزمان والأماكن ؛ فمرة هي كالبهيمة للبيع ، وشهوة ولذة للاستمتاع ، ومرة هي كنوع من أنواع الآلهة الحديثة كما هي الآن . فمع بداية الوجود الإنساني على الأرض تذكر بعض الكتابات ، ولو بطريقة غير مباشرة ، أن دورها كان دورا" محايدا" ، أو كان كالدور المطلوب أن تقوم به تجاه شريكها الرجل وتجاه نفسها وتجاه إنسانيتها ، ثم انقلب الوضع فأصبحت كالأغنام والمتاع ، وأصبح وضعها زمنا" طويلا" لا ترقى إلى شيء إلا كونها آلة للإنجاب ، وجهاز للترفيه عن الرجل. وظلت المرأة تأخذ هذا الوضع إلى أن أتت نهايات العصور الوسيطة أو قبل نهاياتها بقليل فبدأت وظيفية المرأة في الانحراف عما كانت عليه 0 فبدأت تتحرر من عبودية الرجل – كما وصفها البعض – إلى أن أتى الوقت الحالي وأصبح بعض الرجال يطالبون بتحرير الرجل من عبودية المرأة !!! لكن بالنظر إلى وضع المرأة الآن 0 فليس هناك قاعدة عامة يمكن تعميمها على وضعها الحالي ، ففي حين أنها قد حصلت على حقوقها وأكثر في دول كأوروبا وأمريكا الشمالية نجدها في دول أخرى كثيرة أنها مازالت في طور الجارية 0 وهكذا يتأرجح الوضع الحالي للمرأة بين كونها سيدة نفسها ولها وضعها وقدرها وقيمتها وبين كونها في مقام الجارية لا تعليم ولا ثقافة ولا تهذيب لطبيعتها 0 تعيش في حياتها بالفطرة وما توارثته من عادات وتقاليد 0 ويروق لي وإن كان لا يروق لك الحديث عن وضعية المرأة العربية 0 وأن ألقى إليها نظرة وأشملها ببعض التأملات الخاصة 0 فوضع المرأة الآن في العالم العربي لا يمكن وصفها بأنها مازالت في مرحلة الجارية وسأخدعك وأخدع نفسي إذا قلت لك أنها حصلت على حقوقها كاملة لكن الوصف الأدق لحالتها هي أنها في حالة البين بين أو بالمعنى الذي قد يصل إلى ذهنك بسرعة ، أن المرأة العربية تخرج الآن من مرحلة كونها جارية وتدخل في مرحلة كونها سيدة نفسها وتتميز هذه المرحلة بظهور جميع الصفات التي وصفت بها المرأة في الفصل السابق 0 لكنى أحب أن ألفت نظرك إلى ملحوظة خفيفة الظل فالرجل قد يكون في كل أوضاع المرأة راضيا" تماما" فهو قد يرضاها جارية عمياء 0 خرساء 0 بكماء 0 طرشاء 0 تؤمر فتطيع دون أن يكون لها صوت أو أي اعتراض 0 كما أنه يرضاها منحلة أخلاقيا" واجتماعيا" وإنسانيا" 0 فالرجل يريدها منحلة أخلاقيا" ترتمي في أحضان من تشاء برغبتها وترتمي في فراش من ترضاه بالأجر 0 لكن كل ذلك تحت شرط ألا تكون أبنته أو زوجته أو أخته تفعل ذلك 0 بمعنى أنه يرضى لغيره مالا يرضاه لنفسه 0 0 كما أن الرجل يريد المرأة منحلة اجتماعيا" ترفض أن يحاسبها أب أو أخ أو زوج أو عم أو خال 0 تذهب أينما تشاء 0 تبيت أينما تشاء وتفعل ما تريد دون مراعاة قواعد دين أو أعراف اجتماعية أو قوانين تنظم المجتمع وتحميه من الفوضى والهمجية 0 وكل ذلك أيضا" تحت الشرط السابق ذكره 0 0 وقد لا أجد أفضل من مقطع شعري لنزار قباني من قصيدة له عنوانها ( العشاء الأخير ) للتعبير عن فكرتي وخاطرتي السابقة فهو يقول في هذا المقطع : الرجـــــــــــــال العرب مسئولون عن وأد المرأة في العصر الجاهلي وعن اهانة عقلها وحصار جسدها والمتاجرة بأنوثتها وتهميش ثقافتها في عصر الأقمار الصناعية ( 1[1]) فالرجل عموما" والعربي بصفة خاصة يرى انه الكاسب في الحالتين ؛ في حالة كونها جارية ، وفى حالة كونها منحلة ، ولا يوجد اى قيد للمجتمع عليها . لكن الرجل لو تمهل وتأمل وتفكر وتدبر ونظر للأمر نظرة إنسانية اجتماعية وبعيدة عن قضيبه ، لوجد انه في حقيقة الأمر هو الخاسر في الحالتين ؛ ففي الحالة الأولى سيعيش مع جسد بلا روح ، أو مع مجرد جثة بلا تعفن ، أو مجرد للاطلاع على بقية الموضوع يرجى الرجوع إلى كتاب ( الحب قبل الزواج رؤية من الماضي للمستقبل ) للمفكر والأديب / فؤاد سلطان