ما لي إذا ما لاحَ في أحلامي
طيفُ الغرام، تضجُّ بي آلامي!
إنّي وإن كنتُ الكسيرَ فؤادُه
منذُ الصّبا، طمّاحةٌ أحلامي
أنا في حياتي مثلُ بحرٍ زاخرٍ
بادي الأناقةِ بالمخاطرِ طامِ
الحزنُ قدْ ملأ الفؤادَ بوحدتي
وأذابني في وِنيَةٍ وسَآمِ
يبكي بيَ الدمعُ الحزينُ توجُّعي
وتنوحُ أيّامي على أيّامي
ما كانَ يدعو للبُكاءِ محاجري
إلاّ لواعجُ صبْوتي وغرامي
ويسوحُ بي ظلُّ الحياةِ بلوعةٍ
وبها يُنادِمُني رميمَ عِظامِ
تهفو لهُ روحي بفيضِ محبَّةٍ
وهو المُنى وسعادتي ووئامي
تهتاجني ذِكَرٌ لإيّامِ الهوى
وأنا المشوقُ بعَبْرَتي وكِلامي
ولكَمْ دعتني للجمال نوازعي
وخلائقي مأخوذةٌ بهُيامي
*******
يا صبرُ إنّي قدْ سئمتُ جلادتي
وعزمت ألاّ أنثني بمَرامي
إذ حكَّم الدَّهرُ القسيُّ بغربتي
وشقاءِِ نفسي في دُجى الأحكامِ
تمشي حواليَّ الهمومُ بقسوةٍ
وأعيشُ أشلاءً بجيش سَقامِ
وسنيُّ عمري قد قضتْ بكآبتي
وجوانحي وعواطفي بأوامِ
لكنَّ قلبي قد تحيَّرَ هائماً
ومشيتُ في الدنيا بغير نظامِ
********
ماذا عساني أن أهِمَّ مراغِماً
لأذودَ عنّي قسوةَ الآلامِ؟
ماذا عساني أن أكونَ بعالمٍ
فيه جُبلْتُ تضيقُ بي أيامي؟
أأظلُّ دامي الجُرْح أبكي حسرتي
ويحطُّ بي دون المنى استسلامي؟
ويذوبُ من فرط الأسى بي خافقي
ويَحيدُ عنّي بالضياع زمامي؟
أم أنّني أحيا بفكرةِ زاهدٍ
هَجَرَ الحياةَ- تورُّعاً- لسلامِ!
*********
ما كان ما عانيتُ غيرَ نوازلٍ
بإزاءِ ما أهوى وفرطَ لمامِ
لكنني لم أُغْضِ عن رَيْبِ الدُّنا
يأتي على قلبي ببطشٍ دامِ
نزلَ الفراقُ بنا وما لي غايةٌ
يا صبرُ، إلاّ لالتئام حُطامي
فارحلْ قريرَ العين ما لكَ بضعةٌ
يا صبرُ، منّي غيرَ دمعٍ هامِ
ولَتعْسَ هذا الكون إذ أضحتْ بهِ
غُرُّ الأماني شرَّة الآلام