اليتيم في العيد للشاعر العربي الكبير معروف الرصافي أطلّ صباح العيد في الشـرق يسمـع&&&& ضجيجاً به الأفراح تَمضـي وتَرجـع صباح بـه تبـدي المَسـرةُ شمسَهـا&&&& وليـس لهـا إلا التـوهـمَ مطـلـع صباح به يختال بالوَشْـي ذو الغنـى&&&& ويُعـوِز ذا الإعـدام طِمْـرٌ مرقّـع صبـاح بـه يكسـو الغنـيّ وليـده &&&& ثيابـاً لهـا يبكـي اليتيـم المضيَّـع صباح بـه تغـدو الحلائـل بالحلـى&&&& وتَرفَضّ من عيـن الأرامـل أدمـع ألا ليـت يـوم العيـد لا كـان أنـه&&&&& يجـدّد للمحـزون حزنـاً فيَـجـزَع يرينـا سـروراً بيـن حـزن وإنمـا&&&&& به الحـزن جـدّ والسـرور تَصَنُّـع فمن بؤساء الناس فـي يـوم عيدهـم &&&& نحوسٌ بهـا وجـه المسـرّة أسفـع قد ابيضَ وجه العيـد لكـنّ بؤسهـم &&&& رمى نُكَتـاً سـوداً بـه فهـو أبقـع خرجت بعيد النحر صبحاً فـلاح لـي&&&& مسـارح للأضـداد فيهـنّ مـرتـع خرجت وقرص الشمس قد ذَرّ شارقاً &&&& تـرى النـور سيّـالاً بـه يتـدفّـع هي الشمس خَوْ قد أطلّـت مُصيخـة&&&& على الأرض من افق العـلا تتطلّـع كـأن تفاريـق الأشـعـة حولـهـا &&&& على الأفـق مُرخـاةً ذوائـبُ أربـع ولمـا بـدت حمـراء أيقنـت أنهـا&&&& بهـا خجـل ممـا تـراه وتسـمـع فرُحت وراحت ترسل النور ساطعـاً &&&& وسرت وسارت فـي العـلا تترفّـع بحيث تسيـر النـاس كـلٌ لِوِجهـةٍ&&&& فهـذا علـى رِسـل وذلـك مُسـرع وبعض له أنـف أشـمُّ مـن الغنـى &&&& وبعض له أنـف مـن الفقـر أجـدع وفي الحيّ مزمـار لمُشجـي نَعِيـره&&&& غدا الطبـل فـي درادابـه يتقعقـع فجئت وجوفَ الطبل يرغـو وحولـه&&&& شبـاب وولـدان عليـه تجمـعـوا لقد وقفـوا والطبـل يهتـزّ صوتـه&&&& فتهتـزّ بالأبـدان سـوق وأكــرُع ترى مَيْعة الأطراب والطبـل هـادر &&&& تفيـض وفـي أعصابهـم تتمـيَّـع فقـد كانـت الأفـراح تفتـح بابهـا &&&& لمن كان حول الطبل والطبـل يقـرع وقفت أجيل الطـرف فيهـم فراغـي &&&& هنـاك صبـيّ بينـهـم متـرعـرع صبيّ صبيح الوجـه أسمـر شاحـب&&&& نحيف المباني أدعـج العيـن أنـزع يَزيِـن حجاجَيْـه اتـسـاع جبيـنـه &&&& وفـي عينـه بـرق الفَطانـة يلمـع عليه دريـس يَعضِـر اليُتـم رُدْنـه &&&& فيقطـرُ فقـر مـن حواشيـه مُدقـع يُلـيـح بـوجـه للكـآبـة فـوقـه &&&& غُبار به هبّـت مـن اليتـم زَعـزَع على كثر قرع الطبـل تلقـاه واجمـاً &&&& كأن لـم يكـن للطبـل ثَمـةَ مَقـرع كـأن هديـر الطبـل يقـرع سمعـه&&&& فلم يُلْـفِ رجعـاً للجـواب فيرجـع يـردّ ابتسـام الواقفـيـن بحـسـرة &&&& تـكـاد لـهـا أحـشـاؤه تتقـطـع ويرسل من عينيـه نظـرة مُجهِـشٍ &&&& وما هو بالباكـي ولا العيـن تدمـع لـه رجفـة تنتابـه وهـو واقــف &&&&& على جانـب والجـوّ بالبـرد يلسـع يرى حوله الكاسين من حيث لم يجـد &&&&&&& على البَـرد مـن بُـرد بـه يتلفّـع فكان ابتسـام القـوة كالثلـج قارسـاً &&&& لدى حسـرات منـه كالجمـر تَلـذَع فلمـا شجانـي حـالـه وأفـزّنـي &&&& وقفـت وكلّـي مَـجْـزَع وتَـوَجُّـع ورحـت أعاطيـه الحَنـان بنظـرة &&&& كمـا راح يرنـو العابـد المتخشِّـع وأفتـح طرفـي مُشبَعـاً بتعـطُّـف &&&&& فيرتد طرفي وهـو بالحـزن مشبـع هنـاك علـى مهـل تقدمـت نحـوه &&&&&&&&&&&&& وقلت بلطـف قـول مـن يتضـرّع أيا ابن أخي من أنت ما اسمك ما الذي &&& عراك فلم تفرح فهـل أنـت مُوجـع فهـبّ أمامـي مـن رُقـاد وُجومـه&&&& كما هبّ مزعوبَ والجَنَـان المهجِّـع وأعرض عنّـي بعـد نظـرة يائـس &&&& رواح ولم ينبِس إلـى حيـث يهْـرَع فعقّبتـه مستطلعـاً طِـلْـع أمــره &&&& على البُعد أقفـو الأثـر منـه وأتبـع وبيناه ماش حيث قـد رُحـت خلفـه &&&& أدِبّ دبيب الشيـخ طـوراً وأسـرع لمحت علـى بُعـد اشـارة صاحـب &&&& ينادي أن ارْجع وهو بالثـوب مُلمِـع فأومـأت أن ذكرتـه موعـداً لـنـا &&&& وقلت له اذهـب وانتظـر فسأرجِـع وعُدت فأبصـرت الصبـيَّ مُعرِّجـاً&&&& ليدخـل داراً بابـهـا مُتَضعـضِـع فلمـا أتيـت الـدار بعـد دخـولـه &&...& وقمت حِيالَ البـاب والبـاب مُرجَـع دنَوت إلـى بـاب الدُوَيـرة مطرقـاً &&&& وأصغيـت لا عـن ريبـة أتسـمّـع سمعـت بكـاءً ذا نشـيـج مُــردَّد&&&& تكـاد لـه صُـمّ الصفـا تتـصـدّع فحِرت وعيني ترمق البـاب خلسـةً &&&& وللنفس في كشـف الحقيقـة مَطمَـع أأرجِـع أدراجـي ولـم أك عارفـاً &&&& جَليّة هـذا الأمـر أم كيـف أصنـع فمرّت عجوز في الطريـق وخلفَهـا &&&& فـتـاةٌ يُغشّيـهـا ازارٌ وبُـرقُــع تعرّضتـهـا مستوقـفـاً وسألتـهـا &&&& عن الأسم قالـت إننـي أنـا بَـوْزَع فأدنيتها منـي وقلـت لهـا اسمعـي&&&& حنانَيْك مـا هـذا الحنيـن المُرجَّـع فقالـت وأنّـتْ أنّـهً عــن تَنَـهُّـد &&&& وفي الوجه منهـا للتعجُّـب مَوْضـع أيا ابنيَ ما يَعْنيـك مـن نَـوح أيِّـم &.&& لها من رزايـا الدهـر قلـب مُفجَّـع فقلـت لهـا إنـي امـرؤ لا يَهُمّنـي&&&& سوى من لـه قلـب كقلبـي مُـروَّع وإنّي وإن جـارت علـيّ مواطنـي &&&& فـؤادي علـى قُطّانـهـنّ مُــوَزّع أبـوزع مُنّـي عمـركِ الله بـالـذي&&&& سألتُ فقـد كـادت حشـاي تَمَـزَّع فقالت أعن هذي التـي طـال نحبُهـا &&&& سألـتَ فعنـدي شـرح مـا تتوقّـع ألا أنهـا سلمـى تعيسـةُ معـشـرٍ &&&& من الصِيد أقوت دراهم فهـي بَلقَـع وصارعهـم بالمـوت حتـى أبادهـم &&&& من الدهـر عَجّـارٌ شديـد مُصـرِّع قلـم يبـق إلا زوجـهـا وشقيقـهـا &&&& خليـل وأمـا الآخـرون فـودَّعـوا ولم يَلبَث المقدور أن غـال زوجهـا &&&& سعيداً فأودى وهـي إذ ذاك مُرضِـع فربّـى ابنهـا سعـداً وقـام بأمـره &&&& أخوها إلى أن كـاد يقَـوى ويَضْلـع فأذهب عنه الخـالَ دهـرٌ غَشَمْشَـمٌ &&&& بما يُوجِـع الأيتـام مُغـرىً ومُولَـع جَرَت هَنَةٌ منها على خالـه انطـوى &&&& بقلب رئيس الشرطـة الحقـدُ أجمـع فزجّ به فـي السجـن بعـد تَجَـرُّم &&&& عليه بجُـرم مـا لـه فيـه مَصنَـع عـزاه إلـى إيقاعـه مُوقعـاً بــه &&& وما هو يا ابن القـوم للجـرم موقـع ولكـنّ غـدر الحاقديـن رمـى بـه &&&& إلى السجن فهو اليوم في السجن مُودَع فحُـقّ لسلمـى أن تـنـوح فإنـهـا &&&& مـن العيـش سمّـاً ناقعـاً تتجـرَّع فلا غـرو مـن أم اليتيـم إذا غـدت&&&& ضحى العيد يُبْكيها اليتيـم المُضيَّـع فعُـدت وقلبـي جــازع متـوجّـع &&&& وقلت وعينـي ثَـرّة الدمـع تَهمَـع ألا ليـت يـوم العيـد لا كـان أنـه &&&& يجـدّد للمحـزون حزنـاً فيَـجـزِع وجئت إلى ميعادنـا عنـد صاحبـي &&&& وقد ضمّه والصحـبَ نـادٍ ومَجمَـع فأطلعتهـم طِلـع اليتـيـم فأفّـفـوا &&&& وخبّرتهـم حـال السجيـن فرَجَّعـوا فقلت دعوا التأفيـف فالعـار لاصـق &&&& بكم واتركوا الترجيع فالأمـر أفظـع ألسنـا الأُلـى كانـت قديمـاً بلادنـا&&&& بأرجائهـا نـور العدالـة يسـطـع فما بالنـا نستقبـل الضيـم بالرضـا &&&& ونعنـو لحكـم الجائريـن ونَخْضَـع شربنـا حميـم الـذُلِّ مـلُّ بُطوننـا &&&& ولا نحـن نشكـوه ولا نحـن نَيْجَـع فلو أن عَيْـر الحـيّ يشـرب مثلنـا &&&& هوانـاً لأمسـى قالـسـاً يتـعـوَّع نهوضاً إلى الغـرّ الصُـراح بعزمـة &&&& تخِـرّ لمرماهـا الطُغـاة وتـركـع ألا فاكتُبوا صكّ النهوض إلـى العـلا &&&& فإنّـي علـى موتـي بـه لمُـوَقِّـع