إن عناد الشمس و إصرارها على الأفول من سماء مدينةٍ ما من هذا العالم لا يُخفي وراؤه إلا رغبة
كبيرة بالتجلي والظهور في سماء مدينةٍ أخرى و إن حنينها لتلك اللحظات التي ستشارك فيها السماء
والقمر رسم لوحة الشفق الأحمر الآخاذة هو في حقيقته شوقٌ للحظاتٍ أخرى تمكنها من طبع قبلتها مجدداً على
جبين الصباح وكذلك هو حال العشاق مع الفصول الأربعة فهم لا يشتاقون لرحيل الصيف بشمسه التي تحمر
وجنتيها خجلا كلما داعبت أشعتها الدافئة سنابل القمح إلا رغبة بقدوم الخريف الذي تتساقط أوراق الشجر فيه
مصفرة من عتاب الرياح لها وما انتظارهم لرحيل الخريف إلا ترقبٌ لزيارة الشتاء المُحمل بهدايا
السماء من ودقٍ يروي ظمأ الأرض العطشى وما في ترقبهم لرحيل الشتاء إلا كل اللهفة والشوق لقدوم يومهم
الموعود في ربيعهم الأجمل ربيع العشاق يوم انعقاد أهم مؤتمر للعشاق في العالم
مؤتمر يليق به كل مديح وثناء حيث تتصالح فيه الشمس مع الأرض فلا حر ولا برد وطيور النورس مع أمواج
البحر فلا اضطراب ولا هيجان فتقبل وفود دول العشق من كل حدب وصوب وفج عميق وعلى رأس كل وفد
من تلك الوفود عاشق يحمل معه دساتير وأحلام و مبادىء دولته العاشقة هو أميرهم وخطيبهم والناطق الرسمي
بنداء أفئدتهم وأرواحهم وعقولهم هو يوم تُتلى فيه قصائد الحب والألم وتعزف فيه القلوب ألحان الشجن وتموت
هواجس الخوف والقلق و تحيا مشاعر الطمأنينة والسكينة هو يوم اجتماع العشاق في مملكة العشق الكبرى التي
أخذت على نفسها عهدا إذا ما أتى الربيع بأن تستقبلهم في إحدى لياليه المُفعمة بالدفء والنسمات العليلة في يوم
اتفقت عليه كل دول العشق رغم اختلاف فلسفة العشق لديها ولأن لذلك المؤتمر مكانته الخاصة والرفيعة في
قلوب تلك الدول فقد تحضرت له لهذا العام بشكل جيد سعياً منها في إنجاحه و إظهاره بأبهى حلة وصورة .
ما أن ضجت القاعة بالوفود المشاركة بالمؤتمر حتى أعلنت ملكة العشق بدء المؤتمر بالوقوف دقيقة صمت
احتراما وإجلالاً لأرواح شهداء العشق على مرّ العصور والأزمنة ثم بعد ذلك
ألقت كلمةً قصيرة رحبت من خلالها بالمؤتمرين مًتمنية لمؤتمرهم كل
النجاح والألق ثم دعت أمير دولة العشاق الظالمين لأنفسهم وعاصمتها مدينة الرذيلة لإلقاء كلمة دولته .
يتبع
هذا وما الفضل إلا من الرحمن
بقلم.............ياسر ميمو