كان الجرح غائرا، وكان الألم فوق طاقة البشر، لم تكن بحاجة لتقيسه لتعرف أن عمقه عشرين سنة، ولم تكن في حاجة للعودة الى صورها القديمة لتكتشف أنه لفح وجهها وطال لهبه مقدمة شعرها فأحالها الى حطام أبيض..كانت تعتقد أنها لن تشفى أبدا، أو أنها على الأقل ستحتاج الى سنوات قبل أن تستطيع لملمة شتاتها وإخراج نصل الطعنة الغائرة في ظهرها..فكرت: قد تغسل بعض الدموع المالحة جرحها النازف، إلا أنها ألهبته وضاعفت آلامها..
تذكرت ما قرأته ذات مرة عن قوة الكلمات، وتأثيراتها السحرية. لا بأس من المحاولة، من يدري قد تجدي نفعا..
"سأكون بخير.." رددت الكلمتين بضع مرات، ثم انتبهت الى أنها تحتاج إلى أن ترسل رسائل أقوى الى لاشعورها المتأوه..عليها أن تقنعه أنها الآن في هذه اللحظات بخير، سيقتنع بهذه الكذبة، إنه طفل صغير يصدق كل الرسائل التي نبعثها له، هكذا يقولون..
"أنا بخير..أنا بخير..أنا بخير..أنا بخير.."
..من الأفضل أن تكون الكلمات بلغة أقرب ، لتكن لغتها اليومية، إنها نفس اللغة التي تخاطبها بها أحلامها عندما تنام..
"أنا لاباس، قلبي لاباس، جرحي برا.."
"أنا لاباس، قلبي لاباس، جرحي برا.."
ظلت تردد هذه الكلمات، إلى أن غلبها النوم..عندما استيقظت فوجئت بأن الجرح لا يزال غائرا إلا أنه توقف عن النزيف، وخفت حدة الألم التي كان صداها يهد أركان روحها..أصغت السمع للكلمات التي تدفقت من حولها
"أنا لاباس..قلبي لاباس..جرحي برا.."
تنهدت بعمق، وألقت نظرة أخيرة على جرحها الغائر، وضعت عليه قناعا..ومضت
آخر تعديل عواطف عبداللطيف يوم 01-10-2011 في 12:37 PM.