سيدة المكان الأديبة والشاعرة عواطف
أخي الغالي وتوأم روحي عدي صاحب الأفكار المميزة
شاعرنا الراقي عواد الشقاقي
أخواتي الأعضاء في اللجنة الموقرة
- الغالية وطن النمراوي
- الغالية شروق العوفير
أسعد الله أمسيتكم وطابت ليلتكم
يشرفني أن أكون إحدى أعضاء اللجنة التي تقوم بقراءة القصة التي طرحها شاعرنا
الراقي عواد الشقاقي مع ما جاء في قصيدته ,, وهل وفق في التعبير عن قصة القصيدة ..؟
قصة القصيدة
في ليلة من الليالي وأنا جالس في البيت وأمام شاشة التلفاز أتابع وأشاهد البرامج والأفلام
والمسلسلات في إحدى القنوات الفضائية وفي لحظة ظهر في فاصل إعلاني لتلك القناة إعلان
تجاري وهو عبارة عن مشهد أو صورة تمثيلية قام بها كادر المسلسل السوري ( باب الحارة )
يظهر فيه الفنان العربي ( سامر المصري ) واجم الوجه يتطاير منه الشر والغضب ومن خلفه
كورس كبير وهم أيضاً غاضبين عبوسين وكل منهم يحمل سكيناً أو خنجراً أوسيفاً أورشاش
حتى وصل أبو شهاب إلى باب بيت فطرقه فخرجت له فتاة جميلة بوجه صبوح تغمره ابتسامة
رقيقة تضفي على محياها جمالاً آخروهنا يقوم المخرج بإبراز وجه الفتاة الجميل تارة
بابتسامتها العذبة وتارة وجه أبو شهاب ووجوه الجيش الذين خلفه والجميع كما ذكرت يشتطون
غضباً ملفتاً إنتباه المشاهد إلى مايريده من هذه الصورة التمثيلية ، وفي هذه اللحظة يدخل أبو
شهاب يده إلى جنبه موحياً للمشاهد بأنه سيخرج سكيناً أو سلاحاً آخر وكما هو الحال الذي يسود
المشهد وإذا به يخرج وردة حمراء جميلة يقدمها برقة ومحبة للفتاة ومباشرة تتغير ملامح وجهه
ووجوه جيشه من وجوم وغضب إلى ابتسامات ودبكات ورقص وطبول معلنين حالة فرح خطوبة
أبوشهاب والفتاة وهنا يظهر مانشيت مكتوب فيه ( أعلن الحب تحتل القلوب )
نستطيع أن نقول أن هنا يعتبر مدخل للقصة التي كانت السبب في ولادة القصيدة ,, والشاعر
قد توسع فيها ربما على حساب القصة المباشرة للقصيدة ,, ربما لانجذابه واعجابه
في الإعلان الذي اعتبره ضمنيا سببا رئيسيا لولادة القصيدة التي حملتها بنات أفكاره بعد
مرحلة من العقم ( والقحط ) ومرت بمخاض عسير حتى تم الولادة بخير وبالصورة الجميلة
التي وصلت لنا به ,,
+++++++++++++++++++++++++++++++++
هذا المشهد أخذ يتكرر يومياً والحقيقة صرت يومياً أتابع تلك القناة لأشاهد هذا المشهد
الكبير والجميل والذي أثر في نفسي كثيراً وأحدث حراكاً داخلياً في نفسي لتقرر ما أبتغيه
وتتمناه في الحياة الطويلة العريضة هذه ، وهو أن يسود الحب والوئام والتفاهم كل
أرجاء المعمورة وأن ننبذ لغة الصراعات والحروب والكراهية وإنكار الآخر فنحيل كوكبنا
من غاب يسوده قانون الغاب والبقاء للأقوى إلى روضة من رياض الجنان التي يسودها
الحب والوئام والانسجام والعدل
هنا يوضح لنا الشاعر ما وراء انجذابه بالإعلان الذي ابحر في وصفه ,, وأن قراءته
له تعدت المناظر المباشرة ,, إلى أبعد من ذلك بكثير ,, فانتقل من الخاص إلى العام
وهذا يحسب لصالح الشاعر حيث استطاع أن يدخل منها إلى عالم القيم والمبادئ والسمو
بها إلى العلا ,,
وقد انبرتْ بينَ الغصونِ مليكةٌ =قامتْ على عرشٍ كلمع ضياها
وبنظرةٍ منها تَنمُّ مضاضةً =قالت: حَبوتُكَ للحياةِ حُلاها
قمْ أيُها الإنسيُ واسلُكْ مرتعي =وارغبْ بجنسِكَ أنْ يهيمَ سَفاها
أبلغْ بني الإنسانِ عنّيَ واعظاً =ولقد وهبتُهُمُ الدُّنا ومُناها
لا تُهرقوا كأساً، وقد أترعْتُها =رَوحاً، بجهلٍ لا يسِيغُ هَناها
فتثوبُ يمْلؤُها الظلامُ من الأسى =ولَتجرَعنْ صِرفاً مُدامَ أساها
قُلْ إنَّ مملكةً وقد كتبَ القضا =فيها على صفوِ الودادِ حَياها
هيَ غابةُ الأحلامِ ليسَ يؤمُّها =من ليسَ موسوماً بوسمِ هَواها
قمْ إنَّ دنيا بالوئامِ ترودُها =أعلنْ عنِ الحبِّ الطهورِ هُداها
والأرضُ مادت والفضاءُ بنشوةٍ =ووثبتُ هيماناً بقدسِ نِداها
وشفاهيَ الظمأى تردِّد صبوةً =أعلنْ عنِ الحبِّ الطهورِ
وهنا استعرت جناحاً لأحلق به فوق الغيوم في فضاء الشعر والخيال وبصراحة لأيام
طويلة أكتب بها وأمزق بحثاً عن مدخل ألج من خلاله في جو الموضوع والقصيدة .
يعترف الشاعر هنا بحالة البحث عن الفكرة ,, عن بداية القصيدة التي استعصت على فكره
وقلمه ,, وكانت النتيجة عبارة عن كومة من قصاصات الورق ,, وهذه الحالة هي من
أصعب ما ينتاب الشاعر ,, حيث تعكس على نفسيته ,, على قلمه وحتى كل حياته ,,
بَلَغتْ بيَ الأَيامُ في مَسراها =في رحلة العمر القسيِّ مَداها
يوماً وقد سُلَّتْ قوايَ بحسرتي =مما لَقيتُ بهجرها وشَناها
والقلبُ مرميٌّ بقارعةِ المُنى =شِلواً، وروحيَ بالهوى قد تاها
والشهدُ في عذب ابتسامات الدُّنا =أضحى بدمعي علقماً لجفاها
في لحظة من ساعة متأخرة من ليلة من الليالي وكنت أعيش حالة من الإرهاق والشعور
باليأس والاحباط والقرب من حالة سأقرر فيها إلغاء الفكرة برمتها
جاءت أخيرة اللحظة التي ستولد فيها القصيدة وكانت صعبة للغاية ودلَ على ذلك { الساعة
المتأخرة الإرهاق ,, اليأس ,, إحباط ,, لدرجة القروب من إلغاء فكرة القصيدة } وكل هذا
يجعل من ولادة القصيدة متعسرة ,, وأن هذه الحالة عكست ايضا هذا الزخم في الوصف و
التعبير فيما بعد ,,
في ليلةٍ رانَ الفضاءَ سكونُها =وجوارحي رقَدَتْ على مُضناها
حالَ الخلائقِ إذ أوَتْ لسكينةٍ =بعد التنابُذِ في أديم فضاها
وشعرتُ عينيَ قد تثاقلَ جَفنها =وأحلَّ عن نفسي الإسارَ عناها
واهتز من حولي الفضاءُ بهاتفٍ =والأرضُ مادت والسَّنا يغشاها
صوتٌ دعاني للخلودِ حَنينُهُ =كالنَّاي يعزفُ للحياة بَهاها
فوثبتُ مدفوعاً بقوةِ سحرهِ =ووجدتُني في روضةٍ ياواها
وإذا أفاجىء بفكرة أن أعيش أحداث حلم في منامي وطبعاً أن تجربة الحلم ليست غريبة
علي فقد كانت قصيدتي ( وصال ) أيضاً ومن ضمن أحداثها أن أنام وأحلم في الجنة مع
الجواري والجمال بما لم يخطر على بال الأنسان وفي تلك اللحظات صرت أتماهى في جو
الفكرة وأهيأ تفاصيلها ومفرداته
تبدأ الولادة غذا من خلال الحلم الذي كان اللبنة الأساسية لهذه القصيدة ,, وبعدها استطاع
شاعرنا أن يبني عليه كل ابيات القصيدة بيتا بيتا ,, والغوص في تفاصيلها ,,
هيَ جنَّةُ الخُلدِ الإلهُ أجادها =نوراً على نورٍ، هوىً سَوّاها
ورواسمُ الأنهار بينَ حقولِها =كونٌ أثيريُّ الخيالِ رُؤاها
ومواكبُ الأطيار مثل سحابةٍ =بيضاءَ تندى في عبير هواها
ومنَ العَذارى قد حُفِفتُ بظلِّها =وقد ارتدينَ منَ الجمالِ سَناها
يُنشدنَ تسبيحاً بعطر محبَّةٍ =وملائكٌ تحنو لقُدسِ غِناها
وعبيرُ أبخرةٍ يضوعُ سعادةً =وجلالُ لُقيا والهَنا وشّاها
ووجدتُ ما لا عينَ إنسيٍّ رأت =منها ولا قلباً أتى مَغناها
أرجو أن لا أكون قد أطلت الحديث بما لم يجب وأثقلت عليكم آل النبع الكرام إلى أن وفقني
الله سبحانه وتعالى لتنبثق هذه القصيدة التي فازت مؤخراً من بين خمسين قصيدة في كتاب
المجد الرابع في ملتقى المجد الثقافي وهو الآن في طور الطباعة وصدقوني فقد اختصرت
الحديث بأقصى ماتمكنت عليه وغاية ما أرجوه من حضراتكم هو أن تتقبلوا
خالص محبتي واحترامي
إذاقارنا ما جاء في القصة التي كانت منطلقا للأبيات اجدها مطابقة تقريبا ,, إلا أني أعتب
على شاعرنا لاختصاره الجزء الخاص { عند ولادة القصيدة وما بعده} لكن حتى لو اختصرت
منها كثيرا الحمدلله قد تركت لنا جملا محددة تعكس القصة المرتبطة بالأبيات ,, وقد وجدت أن ذلك
يفي بالطلب ,,عنوان القصيدة { أعلن الحب } عكس السبب الرئيسي لولادة القصيدة ,, المتمثل عي
الإعلان ,, فالشاعر كما قلنا ذهب به الإعلان إلى الشواطئ التي أراد الوصول إليها ,,
القصيدة جميلة المبنى ,, قوية الصور وعميقة المعنى ,, رغم أن سبب انطلاقتها
هو الجمال ( للفتاة وابتسامتها ) إلا أنها تعدت إلى أن تكون عبارة عن رسالة سامية ومهمة ,,
تخص كل البشر ,,كما أن الشاعر أحسن وصف الحالة التي تنتاب الشاعر أو المفكر او الكاتب
إذا شح الإلهام ,, وتسلل اليأس ,, ومرور الإنسان بحالات نفسية وأرق ,,كلها تؤثر سلبا على
إبداعه ,وأكد أيضا أن هنالك دوما حافزا للكتابة ,, وملهم يقود المبدع إلى عالم الإنتاج ,,
أتمنى أن اكون قد حققت المطلوب من الملف ,, ومن القصيدة التي سعدت كثيرا من الإبحار
في معانيها ,, والغوص خلف كلماتها ,, وخاصة أنها لشاعرنا
الراقي عواد الشقاقي ,, شكرا للجمع ,, لكم مني كل التقدير والاحترام
مودتي الخالصة
سفــــانة