بغداد الفن والجمال ... ما اشبه الماضي باليوم
لن أنسى أبدا اليوم بل الحصة التي افتتح بها أستاذي في المدرسة الدرس بسؤال هل سمعتم من قبل جملة تتردد كثيرا بين العامة وهجم التتار ) حيث أنها تقال عندما يكون العدد والفعل أكبر مما متوقع ، أذكرجيدا عندما إستهل الدرس بالتعريف عن (هولاكو) ثم انتقل يصف لنا الهجوم الوحشي على بغداد الفن والجمال ،حيث عاث بها التتار قتلا ودمارا قضى على كل التطور ومظاهرالمَدَنِيَة التي كانت تزخر بها هذه المَدينَة التاريخية الرائعة ، نُهبت الممتلكات ودٌنست بيوت الله وانتُهكت الاعراض ،ولن انسى ابدا وصفه (الذي رسخ في ذاكرتي) ، لنهر دجلة الذي تحول لونه الى اللون الاسود القاتم حيث اختلط الحبر مع دماء القتلى التي كانت بالآلاف .حبر استخدمه مئات العلماء وفي كل المجالات,, ادباء وشعراء والفلاسفة والاطباء خطوا علومهم وفنونهم على آلاف الصفحات لتجمع بكتبت زين بها أعظم وأضخم مكتبة عرفها التاريخ ولتكون مرجع للأجيال . وكانت النتيجة النهائية لهذا الغزوعودة بغداد الحضارة الي ما قبل التاريخ!! هذاليس وصفا لبغداد اليوم بل هو وصف للأمس البعيد وما أشبه الأمس باليوم !!!!! لم أكن أتصوروانا اتابع بدقة وتأثٌر بالغين شرح أستاذي أنه سيأتي يوما وأرى التا رخ يعيد نفسه ويتكرربكل هذا التطابق ،{رغم الفارق الزمني الكبير بينهما ( قرون بين 1237 وعام 2003)}
الاحتلال الجديد الامريكي البريطاني الايراني الصهيوني لهذا البلد العظيم تابعت طبعا مثل كل متلهف وقلبه يحترق على بغداد العروبة بغداد الرشيد أحداث غزو من نوع آخر) من حيث الشكل طبعا لأن الاسماء فقط هي التي تغيرت (عوض التتار = الجيش الاميركي البريطاني وعوضا عن هولاكو = بوش الابن،
لكن النتيجة كانت هي ذاتها لم يتغير فيها الا الأسلحة المستخدمة و جنسية العدو . والنتيجة هي هي فقد عادت بغداد الى ما قبل التاريخ مرة أخرى ،في غضون هذه السنوات لم يعد أي شيئ في بغداد كما كان ،واذا أحببت يا من تعرفها عن قرب أن تقوم بزيارتها !!. لن تتعرف على أي من الأماكن التي أحببتها أواحتفظت بذكرياتك المعبقة بنسمات الماضي والمكحلة بلمسات الحاضر على خرير نهرين رسما الجمال بأحلى صوره لتكتمل صورة الخالق في خلقه ، فأنت ياعزيزي لن تجد المتاحف التي احتضنت الماضي التليد ... كالعروس التي تنتظر بكل حلتها عريسها ليثني على جمالها وبهائها ,, لن تجد تمثال المنصورالشامخ الشاهد على بغداد الماضي والحاضر .....لن تجد هناك إلا الدمار والخراب ، لن تجد إلا الرائحة المنبعثة من كل مكان دماء ...دماء ... دماء ... قتلى .... جرحى ... أيتام .... أرامل ...وستجد العراق يكاد يفرغ من أهله ..... آلام ومآسي لم ولن تنتهي في بضع سنين ،
بعدسة فاحصة عن قرب للمشهد العراقي نستطيع أن نتأمل ما يلي :أن القوات الأمريكية والبريطانية كانت هي القوات الفعلية والظاهرة المقتحمة التي احتلت العراق بطريقة مباشرة ,, لكن لم ولن يُنفذ طبعا لولا تواطؤ من جهات مختلفة، بدأًً من المعارضة، إلى دول الجوار ، التي فتحت إما أراضيها أو أجوائها لهذه الحملة الغاشمة، إلى العامل الأول والأساسي و هو التدخل الإيراني السافر الذي بدأ منذ الخطوة الأولى للغزو ,, لتنفيذ مخططات ومشاريع خاصة له على أرض العراق العظيم ، ولا يخفى عن الجميع ذلك ومنذ عصور.
لذلك منذ اقتحام القوات الغازية للمدن ومنها بغداد رأينا الجماهيرالغوغائية تنتشر في كل مكان ودون استثناء يخربون وينهبون ويدمرون وكأنهم مصرون على عودته لما قبل التاريخ بأيديهم ،بل هم من
سهَّل مهام من جاء طامعا بمقدَّرات العراق حاقدا منتقما من أمجاده وحضارته وعلمائه وآثاره ، فكم تكالبت عليكَ اللئام يا عراق . بدأًً من أمريكا المخطط والمنفذ الأول إلى إيران التي لها مطامعها ,,ولن ننسى طبعا الصهاينة هذا العدو الأزلي لهذا البلد منذ آلاف السنين ،وعدائه كان ولا يزال مستمر لحد الآن ولآخر هذا الزمان ، لأن الجميع يعلم أن العراق كان ولا يزال هو بوصلة العرب وهو المؤشر الحقيقي على قوته وضعفه فمنه يبدأ المجد ومنه ينتهي دائما,,
حماك الله يا عراق المجد
( سفانة بنت ابن الشاطئ )