رسالتي إلى السماء ..
( ا )
إليكـ..سمائي
صباح هذا الدهر الذي ولد اليوم يحاول ترتيب أشلاء ذاتي ينادي قمم الجبال لتجتمع
ويقطفني نتفا ومزقا من فوضى كانت تحياني وتترعرع في أرجائي ..
كاد يعود بي زمن الآلهة الإغريق .. فأخالني ذاك المعذب الشقي السعيد الذي كان يرضي الآلهة فتجعله نصف بشر ونصف آلهة .
ثم يغضبها فتعيده قنطورا .
وتارة أحسبني سيزيف وقد إستبدلت صخرته برذاذ نيسان الذي كان يملأ الأمكنة هذا السحر متشكلا من قطرات لا حجم لماهيتها وألوانا لا لون للونها وشذى لاعبير لرائحته . فحسبت أن السماء هطلت جميعها لتقترب مني
وهبطت لتلقي علي تحية السحر ... فكنت أركض بجنون رهيب لأعبَّ ما أمكن من ذاك اللاّمدرك من ماهية السماء وأحضن ما استطعت منه وأقع عليه فيتلقاني حبيبي التراب المكسو بأبهى الروائع والبدائع من الألوان والروائح وأعيدها ألفا وألفين وآلاف من الكرات والمرات وأذكر سيزيف المعلّق قاب صخر وعذاب ...
رغم ذلك كنت سعيدا , لا بل كنت السعادة ذاتها .
... متى ياسمائي سأحدق فأرى زرقتك تحضن كل نقائي دفعة واحدة ؟؟
وبين دهرين من البزوغ والأنوار كان وشاحك القزحي يلف صخب انسياب انسدال شلال أشعة ليلك الهستيري المذهل ..
أيتها الساكنة خلايا مهجتي وفؤادي وحدك القادرة على استيعاب كمية الروعة والسعادة التي أحياها , ليس بسبب فهمك العميق وعقلك الراجح وبصيرتك النفّاذة
وحسب . بل لأنك وحدك من تشاركني وتقاسمني حالاتي ,
ووحدك من فضّت أختام المكامن التي لم أكن أنا نفسي عالما بوجودها داخل أعماقي.
فكانت محتويات تلك المخابئ من أحاسيس ذات ذرات مكثفة لدرجة أنه يصعب بل يستحيل استنباط شحنات ذبذباتها من قبل أي بشر أو كائن لعدم التجانس ..
ومن سواك مولاتي قادر أن يحل شيفرات تلك الترددات , ولا أخفيك يا سلطانة ملكاتي وآمرة أكواني وسيدة طبائعي بنارها وترابها وهوائها ومائها , أنني ما كنت لأضنّ بها على أي كائن استطاع الولوج وفك الرموز وسبر أغوار مجاهل نفسي ..
لكنه لم يأت منذ أزل وجودي وأبد دهري من يمتلك بنان روعتك وأصابع سحرك لاستنباط دفائن تلك الكنوز واستخراج عصائر الترياق المعتقة لبعض الأدهر من عشقك السرمدي .
آهٍ سيدتي :لو تكرمتِ ياآمرة نبضي ومدللة مهجتي أن تتجولي في أصقاع إمبراطوريتك من مهجتي لغاية نبضي لرأيتِ بأم بصيرة روحك أن كل شاخصات مهجتي وأوابدها وشواهدها ورقمها تحمل رسمك ومنحوتاتها تزخر باسمك.
حينها ستعلمين كم أنا سعيد وفخور بألمي وماهيته ...!
مادة شهية للألم انت مولاتي!!
وماهية لذيذة لمعاناتي ..
ما أنا به رائع وتعلمين كم هو جميل وعذب .. فقط اجعلي مخيلتك الرائعة تتخيل أنك أنت كلّك مع إنسان ... وأنت قادرة تماما على معرفة روعتك وتخيلى أن هذه الروعة بكامل ألقها وبهائها معي أنا ...
هل رأيت..؟ كم أنا سعيد فخور !!!
كم أنا سيد هذا العالم !!
أشعر بعزّة عارمة وبأس لايشيخ .
قوي أنا!!
ورغم تلك القوة يا مولاتي وذاك البأس أحتاج أناملك لتفكّ أختام شرنقتي فأتطور فراشة تجوب أصقاعك وأنحاءك
أتغلغل كالحنان بين ثنايا كل أقاصيك الماتعة ..
سأتوه عامدا متعمدا في أغوار متاهتك ‘ فذاكرة شفاهي لن تخطئ طعم أناملك مذ لثمتها منذ أول دهر ولد لشهقتي .
وسأبقى أكابد إنتظار ذاك الانقشاع لغيوم داكنة تتلبد عنوة ..سأنتظر الربيع بكامل لهفتي حيث رحيل تلك الغيوم ‘ سأناشد الصيف أن يفيق فسحائبه لا تخيفني رقتها ولن تحجب عني نقاءك ‘
وأدعو الخريف لعل رياحه تدحر كل طبقات التكاثف التي تفصلني عنك وأرتقي دفء حضنك الوثير بفصوله الثلاثة ..
وحين يأتي الشتاء سأهزأ به وبغيومه المتلبدة لأنني الآن أمتطيها ببراعة أنبل الفرسان وبأس المحارب الثائر . وأبقى ملاصقا جميعي بجميعك وكل خلاياي بكل ذراتك.. أنعم بخلودي وقرارة روحي
كــــــــــــريمـ