يا شجرة في العراء، كنفسي أراك ، عرتها عواصف الجفاء و أحرقتها صواعق الجحود ،تعتصر الصمغ من صلبها و تسترق من حبيبات الندى قطرات الدموع ، تسكبها عبر التجاعيد الذي خلفها اليأس للشجون ، ترقن أصابعه الهمشة لرعدة الصقيع على اشذابها طقطقة الحسرات...هي ذي أوراق حكاياها كأيامي ،صفراء كالكتب العتيقة ، تروي أسطورة بعثرها شبح مر من هنا... ترفع أغصانها الى السماء ، تستغيث بالبواسق الحزينة التي يسوقها القضاء الى قدر بعيد ، تستعطفها و لا حيلة لها ...يروي لها صمت الليل انتحار نهاراتها عند كل غروب ، و مواجع الهمسات العليلة التي رسمت لها الأمل الغموس ...يروي لها عن بسمة القمر الساخرة التي تزين بها السماء سذاجة العاشقين ...يعيد لها صدى قهقهتها المرهقة في أسمال النشوة الوهنة...لا تزال تذكر طيف الفارس الذي كان يراقصها علىأهداب الأفق ، يضاجع بسمتها على بساط الروابي الحالمة ، يروي لها كيف تنتحر الورود في حضن الأحلام الواهية ، وكيف يغتال الزمن من العمر أيام الشوق التي تصنع الأمنيات السادية .... رحل و بقي هذا الوشم الجميل الذي رسمه بمشرط كانت تحسبه ثمين ، و فرض الخلود و اليقين أن هده المرأة كانت له يوما محطة من محطات العابثين ...
هكذا كانت نفسي يوما ، فقرأت في عينيها سيرة فرس كانت تحت فارس هجين ، فكتبت عنها بحبر يخلد الهفوة و الكبوة ، و يجدد العزم و يغيث قلوب اليائسين
مختار سعيدي
آخر تعديل مختار أحمد سعيدي يوم 05-20-2011 في 02:10 PM.