نهر الحب / للشاعر عواد الشقاقي ...قراءة ( الجزء الأول )
نهر الحب
من حديقة الشاعر العربي الكبير / عواد الشقاقي ، نقتطف هذه الوردة ، ونحاول الولوج في جمالها ...
بداية ، نقف عند عنوان القصيدة ( نهر الحب ) ، والعارف بالأنهار وأسمائها ، لن يجد نهرا يحمل هذا الإسم ، لكنّ شاعرنا أراد أن يختار لهذا النهر إسما يتفق مع إرتباطه في وجدانه ...فأطلق عليه ( نهر الحب ) .
وهنا يستهل قصيدته بخطابٍ يوجهه لهذا النهر ...ولا يخفى على القاريء الفطن ، براعة الإستهلال ، والتي تُشكّل بحق ميزة عند الشاعر ، يهتم كثيرا في مطلع قصيدته ، حتى أننا نشعرُ به عندما يهتدي لمطلع القصيدة يتنفس نفَساً عميقا ، وكأنّي بها قد وجد بداية الرحلة ....
عطّرتَ أحلاما تطيفُ بخاطري ......وتهيجُ بي ذكرى تُعطّر حاضري
هنا نقف عند مفردة العطر ، والتي منها استخرج لنا الفعل الماضي ( عطّرتَ ) والفعل المضارع ( تُعطّرُ ) ، ثم يجذبُ أنظارنا ( خاطري / حاضري ) ، وكيف استطاع من خلال الرسم بالحروف تقديم هذا التوظيف الجميل للمفردتين .....
هنا يخاطب النهر ، الذي نشر العطر في أحلام عتيقة تملأ نفسه وروحه ، وهنا يرى الأحلام تطيف بخاطره ...الأمر الذي جعل الذكرى تتمرد وتحركُ كلَّ كوامنه ، وهذه الأحلام التي طافت وهيجت الذكرى جعلت الحاضر في حالة فرح ....
فهو بسعادة حاضره لا زال يعيش على ذكرى تسكن الروح .
ذكرى من الماضي تلمُّ صبابة ......وتُعيد لي عشقاُ نأى عن ناظري
في هذا البيت قام بتفسير البيت الأول ، وكما قلنا في طور قراءة البيت الأول ، فهي ذكرى عتيقة ...، الصبابة : رقة الشوق .
وهذه الذكرى : عطّرت الحاضر / وجمعت رقة الشوق / وأعادت حبا قديما ، هذا الحب يعيش العاشق حالة الحرمان من رؤيته .
سجواء قد كلف الفؤاد بعشقها ...وتبسمت لي في الحياة مقادري
وهنا ، وكأن الشاعر يقدم لنا إجابة عن تلك التي حركت الذكرى ما ذكرناه في البيت السالف ، فهي فتاة طرفها ساكن ، وربما أراد الشاعر أن يصف الحبيبة ب ( سجواء ) ولم يقل لنا ( حسناء ) ، أو ( هيفاء ) وغير ذلك ..لأن سر تعلقه بها كان نظرة من عين ساجية ..
فهذه الجميلة ، ذات الطرف الساكن ، تعلق القلب بحبها ، وكان لهذا الحب نتائج الفرح في حياته ووجود الإبتسامة ....
في الشاطيء الغربي كان لقاؤنا .....عند المساء وكان فيض تسامر
هنا يستمر الشاعر في بناء القصيدة بصورة جذابة ، حين بدا الحديث مع النهر في البيتين ( 1+2) ، ثم انتقل ليخبرنا من فعل بقلبه مافعل ، فكان البيت ( 3) ثم جاء في البيت الرابع ليتحدث عن المكان الذي بدأت فيه الشرارة ...
ولكن : لماذا قال الشاعر ( الشاطيء الغربي ) ، في الوقت الذي لم يفضح لنا اسم النهر وتركه رمزا له وحده ...الإجابة باختصار ، أن الشاعر هنا يناجي نفسه ، ويستعيد ذكريات ملكه وحده ، فهو هنا يتذكر ، ويقول لنفسه وهو يقف أمام هذا النهر : هنا عند الشاطيء في ركنه الغربي كان اللقاء ، بل ويُغرقُ في التأمل وتذكير نفسه ، حين يُقدم لنا الوقت ، فكان اللقاء ليلا...ولكن هل كان اللقاء صامتا ؟
هل كانت تجلس في ركن وهو في آخر ؟؟ بكل تأكيد لا ...فكان اللقاء سامرا يحمل حوار وحديث عاشقين .ثم تأتي الأبيات (5+6+7) ليصور لنا حالة تأجج هذا العشق وتمكنه من قلوبهما ....
هنا في هذه الأبيات التي قدمناها في هذه القراءة ومحاولة الولوج لعالم هذه القصيدة الرائعة ، نصلُ إلى أنَّ الشاعر قد عاد لهذا النهر واسترجع ذكريات حرّكت لواعج عشق دفينه في وجدانه ، فتأجج الحب من جديد ،
نلتقي بحول الله في الجزء الثاني من هذه القصيدة حتى
نتجنب الإسهاب والإطالة كي نُجنّبَ القاريء الذي نثق بذائقته الملل ...
الوليد
آخر تعديل الوليد دويكات يوم 07-05-2011 في 02:56 PM.